كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
صيغة «أفعل» في بعض هذه الصّور نظرا، وذلك أنّ معنى: أحبب بزيد إلى عمرو:
أحبّ زيد، كما أن معنى: أحسن بزيد: أحسن زيد، و «زيد» هو الفاعل، والتقدير: صار زيد ذا حبّ إلى عمرو، فالحبّ قائم به كما أن الحسن قائم بزيد في قولنا: أحسن بزيد، وقد قرر أنّ المراد بقولنا: أحبب بزيد إلى عمرو، هو الذي أريد بقولنا: ما أحبّ زيدا إلى عمرو، و «عمرو» في هذا التركيب هو الفاعل، كما عرفت فكيف يكون «أحبب بزيد إلى عمرو» بمعناه وقد اختلف الفاعل فيهما؟
وقال الشيخ - بعد أن مثّل بـ: ما أضرب زيدا لعمرو -: أضرب بزيد لعمرو، وتعدية «أضرب» لـ «عمرو» باللّام مشكلة
لأن معناه: أضرب زيد، و «أضرب زيد»، لا يتعدّى، قال: ولا ينبغي أن يجوز هذا التركيب، ولا يقدم عليه إلا بعد سماعه من العرب (¬1) انتهى. وقوله: إنّ «أضرب زيد» لا يتعدّى صحيح، ولكونه لا يتعدّى احتيج إلى إدخال اللام على معموله، أو يقول: أضرب بزيد لعمرو، صار زيد ذا ضرب لعمرو، فالمجرور باللام إمّا معمول لذلك المصدر، والذي تضمنه معنى الكلام، إن جوز إعمال المصدر مقدرا، وإمّا نعت له، والتقدير: صار زيد ذا ضرب كائن لعمرو.
البحث الثّاني:
ما ذكره المصنف، نقلا عن المهذّب، لابن كيسان أنّه قال: ما أكسى زيدا للفقراء الثياب، وما أظنّ عمرا لبشر صديقا، وأن البصريين يقدرون ناصبا للثاني، من مفعولي «كسا وظنّ»، وأن الكوفيين لا يقدّرون شيئا، بل ينصبونه (¬2)، ذكر ابن عصفور خلافه، وهو أنّه قال: إذا تعجّب من فعل، من باب «أعطى»؛ لا يجوز أن يبقى متعدّيا إلى مفعوليه، بل لا بدّ إذ ذاك من الاقتصار على الفاعل وحده، أو على الفاعل وأحد المفعولين، بشرط أن تدخل عليه اللام، فيقول: ما أعطى زيدا، وما أعطى زيدا لعمرو، وما أعطى زيدا للثياب، قال: ولا يجوز أن يذكر المفعولين، فيقول: ما أعطى زيدا لعمرو الدراهم؛ لأنّ فعل التعجّب قبل دخول الهمزة لا يتعدّى، فإذا دخلت همزة النقل تعدّى إلى واحد فإن جاء من كلامهم مثل قولك: ما أعطى زيدا لعمرو الدراهم، فينبغي أن يحمل على أنّ -
¬__________
(¬1) ينظر: المرجع السابق الصفحة نفسها.
(¬2) ينظر: المرجع السابق (4/ 666)، وقد تقدم في الصفحة السابقة من هذا البحث.

الصفحة 2636