كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الدراهم منصوبة بفعل مضمر، دلّ عليه فعل التعجّب، والتقدير: أعطاه الدراهم.
ولا يجوز أن تدخل اللام على المفعولين؛ لما يلزم من تعدّي فعل بحرفي جرّ من جنس واحد، على معنى واحد، وذلك لا يجوز، فإذا تعجبت من فعل من باب ظننت لم يجز التعجب منه إلّا بشرط أن يقتصر فيه على الفاعل؛ لأنّه قد ألحق بأفعال الغرائز، في أنّه لا يتعدّى ثم أدخلت عليه همزة النقل، فلا يتعدّى حينئذ إلا إلى مفعول واحد، لأنهما لو ذكرا فإمّا أن ينصبا، أو يدخل عليهما أو على أحدهما اللام، قال: ولا يجوز نصبهما، ولا نصب أحدهما لما ذكر، من أنّ «فعل» إذا نقل بالهمزة لا يتعدّى إلّا إلى منصوب واحد، ولا يجوز إدخال اللّام عليهما لما يؤدّي ذلك إليه من تعدّي فعل بحرفي جرّ من جنس واحد، على معنى واحد، وهو غير جائز، ثمّ قال: وهذا الذي ذكرته هو مذهب
البصريين أما الكوفيّون فيجيزون ذكرها، بشرط أن تدخل اللام على الأول، وينصب الثاني، نحو: ما أظنّ زيدا لعمرو قائما، هذا إن أمن اللّبس، فإن خيف اللّبس، أدخلت اللام على كل منهما، نحو: ما أظنّ زيدا لأخيك لأبيك قال: وما ذهبوا إليه باطل؛ للعلّة التي تقدم ذكرها (¬1). انتهى ما ذكره ابن عصفور.
والذي يظهر أنّ الذي ذكره طريق النّحاة، وما ذكره المصنّف عن ابن كيسان طريق آخر، ولا مصادمة بين النقلين، ولا شكّ أنّ الطريق الذي ذكره المصنّف أقرب إلى الحقّ، ويمكن ردّ ما ذكره ابن عصفور إليه، أمّا إذا كان الفعل من باب أعطى، فموافقة كلامه لكلام المصنف واضحة؛ لأنه أدخل على أحد المفعولين، كما فعل المصنّف إلا أنّه خالف في قوله: أنّه يقتصر على أحد الفعلين، إلّا أنّه قال: فإن جاء من كلامهم: ما أعطى زيدا لعمرو الدراهم، كانت الدراهم منصوبة بفعل مقدّر، وهذا الذي انتهى إليه كلام ابن عصفور آخرا هو الذي ذكره المصنّف أولا، وأمّا إذا كان الفعل من باب ظنّ فلم يظهر لي وجوب الاعتماد على الفاعل، إذا قصد -
¬__________
(¬1) قال ابن عصفور في الشرح الكبير (1/ 580، 581): (وأما ظننت فيجوز التعجب منه ومن أخواته، بشرط الاقتصار على الفاعل، فتقول: ما أظنني، ولا تذكر المفعولين، ولا أحدهما، وتحذف الآخر، أما ذكر أحدهما فيؤدي إلى بقاء الخبر دون مبتدأ، أو المبتدأ دون خبر، وباطل أن تذكر المفعولين، لأنه لا بد من نقله إلى «فعل» و «فعل» لا يتعدى، ولا يجوز دخول اللام على المفعولين؛ لأنه لا يجوز دخول اللام على المبتدأ والخبر) اهـ.

الصفحة 2637