كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فيقال في بنائه من كتب، وعلم، وظرف: هو أكتب منه، وأعلم، وأظرف، كما قيل في التعجّب: ما أكتبه، وأعلمه، وأظرفه، ويحكم في هذا ونحوه بالاطراد؛ لأنّه من فعل مستوف للقيود، ويحكم بالشذوذ فيما لا فعل له، وفيما له فعل لم يستوف القيود، كما فعل في التعجّب (¬1).
فمن أمثلة «أفعل» التفضيل الذي لا فعل له قولهم: هذا أمقر (¬2) من هذا، أي:
أمرّ، وهو ألصّ من شظاظ (¬3) أي: أعظم لصوصيّة.
وشظاظ اسم رجل من ضبة، ومن هذا النّوع (¬4): أول وآخر.
ومن أمثلة سيبويه فيما لا فعل له: أحنك الشّاتين والبعيرين (¬5)، أي: آكلهما، وآبل النّاس، أي: أرعاهم للإبل، ومن أمثلة غيره: هذا التمر أصفر من غيره، أي:
أكثر صفرا، وهذا المكان أشجر من هذا المكان، أي: أكثر شجرا، وفلان أضيع من غيره، أي: أكثر ضياعا (¬6)،
والصحيح أنّ «أحنك» من قولهم: احتنك الجراد ما على الأرض أي: أكله، ولكنّه شاذّ لكونه من «افتعل» فهو نظير «أشدّ» من: -
¬__________
(¬1) في شرح الألفية للشاطبي (4/ 74): (فإذا تخلف شرط من هذه الشروط لم يبن منه قياسا، وما سمع منه وقف على محله، فلا يبنى من غير فعل فلا يقال: هو أثوب من زيد، تريد: أكثر ثيابا ولا: أمول منه، من المال، ولا ما أشبه ذلك) اهـ.
(¬2) في المصباح المنير مادة «مقر»: (مقر مقرا، فهو مقر، باب «تعب» صار مرّا، قال الأصمعي:
المقر: الصبر، وقال ابن قتيبة: شبه الصبر، وأمقر مقارا لغة) اهـ. ومن هذا الكلام في المصباح يظهر أن هذا تفضيل مما له فعل.
(¬3) في كتاب «أفعل» لأبي علي القالي (ص 82): (وتقول العرب: ألص من شظاظ؛ بكسر الشين وهو رجل من بني ضبة كان مشهورا باللصوصية) اهـ. وقد بنوا «ألص» من اللص، وقالوا: لا فعل له، لكن ابن القطاع حكى في أفعاله (1/ 328): لصص - بالفتح - إذا استتر، وحكى غيره: لصصه إذا أخذه خفية، وعلى هذا فلا شذوذ لوجود الفعل.
(¬4) أي: صوغ أفعل التفضيل مما لا فعل له.
(¬5)،
(¬6) ينظر: الكتاب (4/ 100) تحقيق هارون، و «أحنك»: مشتق من الحنك وهو ما تحت الذقن.
والمعنى: أكثرها أكلا؛ لأن الأكل يحرك حنكه، وورود مثل هذا عن العرب يدل على أنه يجوز بناء أفعل التفضيل من الاسم ولكنه ليس بقياس، لما ذكره سيبويه، وفي شرح التصريح (2/ 101): (وشذ بناؤه - يعني أفعل التفضيل - من اسم عين نحو: هو أحنك البعيرين، بنوه من الحنك وهو اسم عين) اهـ.

الصفحة 2656