2094 - فقالت لنا أهلا وسهلا وزوّدت ... جنى النّحل بل ما زوّدت منه أطيب (¬1)
وقد يفصل «أفعل» و «من» بـ «لو» وما اتصل بها كقول الشّاعر:
2095 - ولفوك أطيب لو بذلت لنا ... من ماء موهبة على خمر (¬2)
ولا بدّ من كون المفضول مشاركا للمفضّل فيما ثبت فيه التفضيل فيقال: الخبز أغذى من السويق، والعسل أحلى من التّمر، ولا يقال: الخبز أغذى من الماء، ولا:
الماء أروى من الخبز؛ فإن ورد لفظ تفضيل دون ظهور مشاركة قدّرت المشاركة بوجه ما، كقولهم في البغيضين: هذا أحبّ إليّ من هذا، وفي الشرّين: هذا خير من هذا، وفي الصّعبين: هذا أهون من هذا، وفي القبيحين: هذا أحسن من هذا، بمعنى: أقل بغضا، وأقل شرّا، وأقلّ صعوبة، وأقلّ قبحا ومنه قوله تعالى: قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ (¬3).
[3/ 124] وقول الرّاجز:
2096 - أظلّ أرعى وأبيت أطحن ... الموت من بعض الحياة أهون (¬4)
-
¬__________
(¬1) البيت من الطويل وقائله الفرزدق.
اللغة: أهلا وسهلا: أي: أتيتم أهلا، ومكانا سهلا، جنى النّحل: شهده، والمراد شبيهه.
والشاهد فيه قوله: «منه أطيب» حيث قدم المجرور بـ «من» على أفعل التفضيل مع أنه غير استفهام وهو قليل، فالاستشهاد مبنيّ على أنّ «منه» متعلق بـ «أطيب».
ينظر الشاهد في: النقائض (2/ 612)، وشرح ابن يعيش (2/ 60)، والهمع (2/ 104)، والدرر (2/ 137)، والأشموني (3/ 52)، وديوان الفرزدق ط. الصاوي (ص 32)، وشرح العمدة (ص 427)، وشرح الكافية (2/ 433).
(¬2) البيت من الكامل، ونسب لأبي ذؤيب الهذلي، خويلد بن خالد، أحد المخضرمين، أسلم، ومات في سنة (26 هـ).
اللغة: أطيب: أعذب، بذلت: سخوت، موهبة: هي السحابة، أو نقرة الشجرة، يجمع فيها ماء السحاب، كما في الاشتقاق.
والشاهد فيه قوله: «أطيب» فإنه «أفعل» تفضيل، وقد فصل بينه وبين «من» الجارة للمفضول بـ «لو» ينظر الشاهد أيضا في: الهمع (2/ 104)، والدرر (2/ 137)، والأشموني (3/ 46).
(¬3) سورة يوسف: 33.
(¬4) هذا البيت من الرّجز، ولم أهتد إلى قائله.
والشاهد فيه قوله: «أهون»؛ حيث إنه «أفعل» تفضيل، لا تظهر فيه المشاركة بين المفضل، والمفضل عليه؛ لأن المفضل هنا الموت، ولذلك تقرر المشاركة بوجه ما، فكأنه يريد: أهون صعوبة عنده. -