كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وممّا تقدّر فيه المشاركة قول بعضهم: الصّيف أحرّ من الشّتاء، وله توجيهات:
أحدها: أن يكون من «أحرّ القتل» بمعنى: استحرّ، أي اشتدّ، فكأنّه قيل:
الصيف أشدّ احترارا من الشتاء؛ لأنّ حروبهم في الصّيف كانت أكثر من حروبهم في الشتاء (¬1)، ويمكن أن يشار بذلك إلى أنّ الشّتاء يتحيّل فيه على الحرّ بموقيات البرد وأنّ الصيف لا يحتاج فيه إلى تحيّل، فحرّه أشدّ من حرّ الشتاء (¬2)، ويمكن أن يشار بذلك إلى «حرّ الأمر» جدّ، وأنّه في الصيف أشدّ منه في الشتاء (¬3). وزعم بعض العلماء أنه يقال: العسل أحلى من الخلّ، وهذا موجه بثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون قائل هذا أسمى العنب خلّا، لمآله إليه، كما سمّي خمرا في قوله تعالى: إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً (¬4).
الثاني: أن يكون «أحلى» من: حلي بعيني، إذا حسن منظره.
الثالث: أن يكون هذا قد وضع «أحلى» موضع «أطيب» لأنّ الخلّ يتأدّم به، فله من الطيب نصيب، لكنّه دون طيب العسل (¬5).
ويكثر حذف المفضول إذا دلّ عليه دليل، وكان «أفعل» خبرا، كقوله تعالى:
أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ (¬6)، ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا (¬7)، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ (¬8)، وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ (¬9)، إِنَّما عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ (¬10)، وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلًا (¬11)، أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (¬12)، فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً (¬13).
وهو كثير، ومنه قول الشاعر: -
¬__________
(¬1)،
(¬2)،
(¬3) هذه توجيهات ثلاثة.
(¬4) سورة يوسف: 36.
(¬5) تنظر هذه الأوجه الثلاثة في: شرح المصنف (3/ 56) والتذييل والتكميل (4/ 713)، وفي المساعد لابن عقيل (2/ 171)، تحقيق بركات: (... أو أراد بالخلّ العنب كما يسمّى العنب خمرا، والتهكم لا يمتنع) اهـ.
(¬6) سورة البقرة: 61.
(¬7) سورة البقرة: 282.
(¬8) سورة آل عمران: 36.
(¬9) سورة آل عمران: 118.
(¬10) سورة النحل: 95.
(¬11) سورة الكهف: 46.
(¬12) سورة مريم: 73.
(¬13) سورة مريم: 75.

الصفحة 2665