كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بعض الامكنة، وينوى سقوطها.
وندر إيقاع «من» في قول الشاعر:
2106 - ولست بالأكثر منهم حصى ... وإنّما العزّة للكاثر (¬1)
وفيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون من المعتاد وقوعها بعد العاري، والألف واللام زائدتان.
والثّاني: أن تكون متعلّقة بـ «أكثر» مقدرا، مدلولا عليه بالموجود المصاحب للألف واللام، كأنه قال: ولست بالأكثر، وأكثر منهم حصى (¬2)، وهذا التقدير شبيه بما يقال في قوله تعالى: وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (¬3) أي: كانوا زاهدين فيه من الزاهدين.
والثالث: أن تكون «من» للتبيين، كأنّه قال: ولست بالأكثر من بينهم وإلى ما فيه من الأوجه أشرت بقولي: (ولا تصاحب «من» المذكورة غير العاري) (¬4) إلى آخر الكلام، والله تعالى أعلم. هذا آخر كلام المصنف، ونتبعه الإشارة إلى أمور:
الأول: ذكر شواهد على بعض المسائل المذكورة، ذكرها غير المصنف:
منها: شاهد الفصل، بين «أفعل» وبين ما هو معمول لـ «أفعل»، قال الله تعالى: قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ (¬5).
وقال الشاعر: -
¬__________
(¬1) هذا البيت من السريع، وجعله العيني من الرجز وهذا غير صحيح وقائله الأعشى المشهور، يهجو علقمة بن علاثة، ويمدح عامر بن الطفيل في المنافرة التي جرت بينهما، والمعنى: بم تزعم العزة، ولست بالأكثر منه عددا والعزة لصاحب الكثرة.
والشاهد في البيت قوله: «بالأكثر منهم»؛ حيث جمع فيه بين الألف واللام و «من» وأجيب بزيادة «ال» أو على تقدير: بالأكثر بأكثر منهم، والمحذوف بدل من المذكور، أو: أنّ «من» لبيان الجنس، أو هي بمعنى «في» أي: فيهم.
من مراجع الشاهد: ديوان الأعشى (ص 94)، واللسان «حصى»، والخصائص (1/ 185)، والأشموني (3/ 47).
(¬2) ينظر هذا التقدير في التذييل والتكميل (4/ 719).
(¬3) سورة يوسف: 20 - يعني التقدير في الآية الكريمة.
(¬4) ينظر: شرح المصنف (3/ 58).
(¬5) سورة يوسف: 33.