كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ

2123 - إنّ الّذي سمك السّماء بنى لنا ... بيتا دعائمه أعزّ وأطول (¬1)
أي عزيزة، طويلة، ومنه قول الشنفرى:
2124 - وإن مدّت الأيدي إلى الزّاد لم أكن ... بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل (¬2)
أراد: لم أكن عجلا، ولم يرد: لم أكن أكثرهم عجلة؛ لأنّ قصده ذلك يستلزم عجلة غير فائقة، وليس غرضه إلا التمدح، ينفى العجلة قليلها، وكثيرها (¬3)، واختار أبو العبّاس محمد بن يزيد المبرّد استعمال «أفعل» مؤولا بما لا تفضيل فيه، قياسا (¬4) والأولى أن يمنع فيه القياس، ويقتصر فيه على ما سمع، والذي سمع منه كالمشهور فيه التزام الإفراد، والتذكير، إذا كان ما هو له مجموعا، -
¬__________
(¬1) هذا البيت من الكامل، وقائله الفرزدق، الشاعر الأموي المشهور، وسمك السماء: رفعها، وأراد بالبيت: الكعبة.
والشاهد في: «أعزّ، وأطول»؛ حيث لم يقصد بهما تفضيل، بل هما بمعنى: عزيزة طويلة.
ينظر الشاهد في: ديوان الفرزدق (2/ 155)، والنقائض (1/ 202)، واللسان مادة «عزز»، الأشموني (3/ 51).
(¬2) هذا البيت من الطويل وقائله الشنفرى الأزدي، عمر بن براق، وفي مختارات ابن الشجري (ص 18)، واسمه شمس بن مالك، والبيت من القصيدة المشهورة بلامية العرب.
اللغة: أجشع: أفعل من الجشع، وهو أشد الحرص على الأكل، أعجل: المتعجل السريع، أي إلى الأكل.
والشاهد في البيت قوله: «أعجلهم»؛ حيث لم يرد به معنى التفضيل، بل أراد: ولم أكن عجلا، ولم يرد: ولم أكن أكثرهم عجلة.
ينظر الشاهد في: قطر الندى (ص 188)، وشرح التصريح (1/ 202)، والأشموني (1/ 251)، (2/ 51)، الدرر (1/ 101).
(¬3) ينظر: التذييل والتكميل (4/ 727) وفي النقل تصرف.
(¬4) ينظر: المرجع السابق نفس الصفحة وفي المقتضب للمبرد (3/ 245، 246): («أفعل» يقع على وجهين: أحدهما: أن يكون نعتا قائما في المنعوت، نحو: أحمر، وأصفر، وأعور.
والوجه الآخر: أن يكون للتفضيل، ثم قال: فأما قوله في الأذان: «الله أكبر» فتأويله كبير، كما قال الله عزّ وجلّ: وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ فإنما تأويله: وهو عليه هين؛ لأنه لا يقال: شيء أهون عليه من شيء، ونظير ذلك:
لعمرك ما أدري وإني لأوجل ... على أينا تعدو المنية أول
أي: (إني لوجل) انتهى ملخصا، وانظر الكامل (2/ 47، 48).

الصفحة 2678