كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إن شاء الله تعالى.
و «الدنيا»، و «الجلّى» مؤنثا «الأدنى، الأجلّ» فكان حقهما أن لا ينكّرا إلا إذا ذكرا لكنّهما كثرا أن يستعملا استعمال الأسماء المختصّة فلذلك جاز تنكيرهما، كقوله:
2136 - في سعي دنيا طالما قد مدّت (¬1)
وكقول الآخر:
2137 - وإن دعوت إلى جلّى ومكرمة ... يوما سراة كرام النّاس فادعينا (¬2)
وقراءة بعض الشّواذّ: (وقولوا للنّاس حسنى) (¬3) وهو مصدر على فعلى، كالرّجعى فالحسن والحسنى، والعذر والعذرى، والسّوء والسّوءى من المصادر التي جاءت على «فعل» و «فعلى» بمعنى واحد.
¬__________
(¬1) هذا البيت من الرجز وقائله العجاج من قصيدة نائية في ديوانه (ص 267).
اللغة: في سعي: أي: من سعى في الدنيا، مدت: طالت.
والشاهد في قوله: «دنيا»؛ حيث جاءت نكرة مع أنها مؤنث الأدنى الذي لا ينكر إلا عند تذكيره ولكنها نكرة لاستعمالها اسما مختصّا بمعنى العاجلة.
ينظر الشاهد في: ابن يعيش (6/ 100)، وخزانة الأدب (8/ 296) - التذييل والتكميل (4/ 757).
(¬2) البيت من البسيط، ونسب للمرقش الأكبر، كما نسب لبشامة بن مزن النهشلي، وينظر: الخزانة (8/ 301)، والبيت في المفضليات (2/ 877) برواية «خيار الناس»، وفي اللسان (13/ 123) برواية «يوما كراما من الأقوام».
والمعنى: إن أشدت بذكر خيار الناس بجليلة نابت أو مكرمة عرضت فأشيدي بذكرنا.
والشاهد قوله: جلى هو نكرة للجلى مؤنث الأجل، ونكر لجريانه مجرى الأسماء المختصة؛ فهو بمعنى جليلة.
ينظر الشاهد أيضا في: الصحاح «جلل»، وشرح المصنف (3/ 64)، والبحر المحيط (1/ 286).
(¬3) سورة البقرة: 83.
وقد نسبت هذه القراءة لأبي الحسن. ففي المحتسب (2/ 263): (قرئ: بطغوئهآ من سورة الشمس قال أبو الفتح: هذا مصدر على فعلى كأخوته من: الرجعى، والحسنى والبؤسى، والنعمى، وعليه ما حكاه أبو الحسن من قراءة بعضهم: (وقولوا للنّاس حسنى) وفي الإتحاف (ص 140) وعن الحسن بغير تنوين، بوزن القربى والعقبى، أي: كلمة، أو مقالة حسنى) اه. وينظر: البحر المحيط (1/ 285).