كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ومنه قول الآخر:
2164 - إذا كنت معنيّا بمجد وسؤدد ... فلا تك إلّا المجمل القول والفعلا
ولا تلف إن أوذيت يوما مكافئا ... فمن كافأ الباغين لم يكمل الفضلا (¬1)
ومذهب الأخفش أن النصب بعد مصحوب «أل»، على التشبيه بالمفعول به، وأصحابه يقولون: إن قصد بـ «أل» العهد، فالنصب على التشبيه بالمفعول، وإن قصد معنى الذي فالنصب باسم الفاعل (¬2)، وقال قوم: النصب بفعل محذوف بعد ما قرن بـ «أل» من اسم فاعل، أو مصدر، وكلّ ذلك تكلف، لا حاجة إليه، وقد نبه على ذلك كله، في متن الكتاب، وإذا أضيف اسم الفاعل، الذي بمعنى الماضي، واقتضى بعد الإضافة - من جهة المعنى - مفعولا به، جيء
به منصوبا، كقولك: هذا معطي زيد (أمس) (¬3) درهما، ونصبه عند الجمهور بفعل مقدر مدلول عليه باسم الفاعل؛ لأنّ الدلالة يكتفى فيها بالمعنى المجرّد فأن يكتفى فيها بمعنى ولفظ يتضمن حروف المدلول عليه أحقّ وأولى.
وأجاز السيرافي نصبه باسم الفاعل، وإن كان بمعنى الماضي (¬4)؛ لأنّه اكتسب -
¬__________
- والشاهد في قوله: «المنعمون إذا قدرنا، المهلكون إذا أتينا»؛ حيث أعمل اسم الفاعل المحلى بـ «أل» مع دلالته على الاستقبال.
ينظر الشاهد أيضا في: شرح معلقة ابن كلثوم (ص 108)، تحقيق د/ محمد إبراهيم البنا، وجمهرة أشعار العرب (1/ 363)، والتذييل والتكميل (4/ 818).
(¬1) البيتان من الطويل، ولم ينسب لقائل معين وكلمة الباغين رويت في الأصل: البالغين وهو خطأ.
والشاهد في قوله: «المجمل القول والفعلا»؛ فقد استشهد به على إعمال اسم الفاعل الواقع صلة لـ «أل» حال كونه دالّا على الاستقبال، كما في الشاهد الذي قبله.
ينظر الشاهد في: منهج السالك (ص 331)، والتذييل والتكميل (4/ 818)، والهمع (2/ 96)، والدرر (2/ 129).
(¬2) لمراجعة مذهب أصحاب الأخفش ينظر: منهج السالك (ص 313)، والمساعد لابن عقيل (2/ 199) تحقيق د/ بركات.
(¬3) زدت كلمة «أمس» من شرح المصنف (3/ 78)، ليستقيم الكلام، ويصح المراد بذكرها.
(¬4) في شرح السيرافي (2/ 586، 587): (فإذا قلت: هذا معطي زيد درهما أمس، وهذا ظان زيد منطلقا أمس، فكثير من أصحابنا يزعمون أن الثاني منتصب بإضمار فعل آخر، كأنه قال: هذا معطي زيد، أعطاه درهما أمس، وهذا ظان زيد، ظنه منطلقا أمس، والأجود عندي أن يكون منصوبا بهذا -