كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والمشهور بناء هذه الأمثلة من الثلاثي، وقد يبنى من «أفعل» «فعّال»، كأدرك؛ فهو درّاك، وأسأر، فهو سآر (¬1)، و «فعيل»، كأنذر؛ فهو نذير، وآلم؛ فهو أليم، وأسمع؛ فهو سميع، ومنه قول الشّاعر:
2176 - أمن ريحانة الدّاعي السّميع ... يؤرّقني وأصحابي هجوع (¬2)
أي: الدّاعي المسمع. وقد بني أيضا من «أفعل» «مفعال»، كمعطاء، ومهداء، ومعوان، ومهوان، وندر بناء فعول ذي المبالغة، من «أفعل»، في قول الشاعر يصف ناقة جهول:
2177 - جهول، وكان الجهل منها سجيّة ... غشمشمة للقائدين زهوق (¬3)
أي: كثيرة الإزهاق من يقودها، هذا آخر كلام المصنف رحمه الله تعالى وهو كلام شاف واف بالمقصود (¬4)، ولكن لا بدّ من الإشارة إلى أمور:
منها: أنك عرفت - من قول المصنف: يعمل اسم الفاعل غير المصغّر والموصوف دون تقييد بكون الوصف قبل العمل أو بعده، ومن قوله - في الشرح -: ووافق بعض أصحابنا الكسائيّ في إعمال الموصوف قبل الصفة - أنّ اسم الفاعل متى وصف لا يعمل، سواء أكان الوصف قبل العمل، أم بعده. -
¬__________
(¬1) في اللسان مادة «سأر»: السؤر: بقية الشيء، وأسأر منه شيئا: أبقى، والنعت منه سآر، على غير قياس؛ لأن قياسه مسئر ... ثم قال صاحب اللسان: قال الأزهري: ويجوز أن يكون سآر من «سأرت» ومن «أسأرت» كأنه رد إلى الأصل، كما قالوا: «درك» من «أدركت» و «جبار»، من: «أجبرت» اهـ.
(¬2) هذا البيت من الوافر، وقائله: عمرو بن معديكرب، وترجمته في الخزانة (2/ 444، 446).
اللغة: ريحانة: امرأته المطلقة، وقيل: أخته، أم دريد بن الصمة، السميع: المسمع، صيغة مبالغة «مفعل» من «أسمع» مثل: بديع، في معنى مبدع.
الشاهد فيه قوله: «السميع»؛ إذ قد جاء لمبالغة «مفعل» على رأي الجمهور، فهو مثل: أليم بمعنى مؤلم.
ينظر الشاهد في: ديوان عمرو بن معديكرب (ص 128)، والأصمعيات (ص 172)، والكامل (1/ 99)، وابن الشجري (1/ 64)، (2/ 106)، واللسان «سمع».
(¬3) هذا البيت من الطويل، وقائله حميد بن ثور الهلالي، وهو في ديوانه (ص 36)، والقافية فيه «رهوق»، بالراء المهملة، كأنها ترهق من يقودها حتى تكاد تطؤه بخفها.
والشاهد فيه قوله: «زهوق» لأنها صيغة مبالغة من «أزهق» على وزن «فعول»، أي: كثيرة الإزهاق.
ينظر الشاهد في: المخصص لابن سيده (7/ 123)، والتذييل والتكميل (4/ 799)، واللسان «زهق، وغشم».
(¬4) ينظر شرح المصنف (3/ 82).