كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ومن هذين المثالين وأشباهما احتزرت بذكر (متصلا) بعد قولي: (إن كان ظاهرا)، وبعد قولي: (إن كان ضميرا)، ثمّ قلت: (وشذّ فصل المضاف إلى ظاهر، بمفعول أو ظرف) فنبّهت بذلك على قراءة بعض القراء: فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله (¬1) وعلى قول الشّاعر:
2189 - وكرّار خلف المحجرين جواده ... إذا لم يحام دون أنثى حليلها (¬2)
وعلى قول الرّاجز [3/ 146]:
2190 - ربّ ابن عم لسليمى مشمعل ... طبّاخ ساعات الكرى زاد الكسل (¬3)
ثمّ نبّهت على أنّ المقرون بالألف واللّام يجوز أن يضاف - إذا كان مثنّى أو مجموعا على حدّه - إلى المفعول به مطلقا، وإن لم يكن مثنّى، ولا مجموعا على حده لم يضف إلا إلى المعرف بالألف واللام، وإلى مضاف إلى مقرون بهما.
فالأول: كقول الشاعر:
2191 - إن يغنيا عنّي المستوطنا عدن ... فإنّني لست يوما عنهما بغني (¬4)
-
¬__________
(¬1) سورة ابراهيم: 47، والقراءة بنصب «وعده» وجر «رسله» وفي الكشاف للزمخشري (2/ 384):
وقرئ (مخلف وعده رسله) اهـ.
(¬2) هذا البيت من الطويل، وقائله الأخطل التغلبي الشاعر الأموي المشهور من قصيدة يمدح به همام بن مطرف التغلبي، والبيت في ديوان الأخطل ط. بيروت (1891 م) (ص 245).
اللغة: كرار: وصف لممدوحه بالشجاعة والإقدام، المحجر: الملجأ الذي غشيه العدو، حليلها: زوجها.
والمعنى: يكر جواده خلفهم حتى ينقذهم، في الوقت الذي يفر الرجل فيه عن امرأته، ولا يقاتل؛ لعظم الهول.
والشاهد: فصل «كرار» المضاف إلى مفعوله، عنه بظرف، والأصل: وكرار جواده خلف المحجرين.
ينظر الشاهد في: الكتاب (1/ 177)، ومعاني القرآن للفراء (2/ 181).
(¬3) سبق تخريج هذا الشاهد قريبا.
والشاهد فيه هنا على ما ذكره الشارح: الفصل بين «طباخ» ومفعوله «زاد الكسل» بـ «ساعات الكرى» وهو ظرف، والمثال من المبالغة كاسم الفاعل.
(¬4) هذا البيت من البسيط، ولم ينسب لقائل معين.
اللغة: غني يغنى - من باب علم يعلم -: استغنى.
والشاهد فيه قوله: «المستوطنا عدن»؛ حيث أضيف اسم الفاعل المحلّى بـ «أل» المثنى إلى المفعول، وقد وليها المفعول، وحذفت النون للإضافة، وقدّرت ولهذا فالجر أكثر.
ينظر الشاهد في: منهج السالك (ص 337)، والتصريح (2/ 30)، والهمع (2/ 48).