كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
واعلم أنّ من لغته أن يقدم على الفاعل علامة تثنية وجمع، فيقول: مررت برجلين حسنا غلامهما، وبرجال حسنوا غلمانهم، فإنه يقول: مررت برجلين حسنين غلاماهما، وبرجال حسنين غلمانهم، وإلى هذا أشار بقوله: وتجمع جمع المذكر السالم على لغة «يتعاقبون فيكم ملائكة» (¬1)، وأشار بقوله: وقد تعامل غير الرافعة إلى آخره؛ إلى أنّ الصفة إذا كان معناها لسببيّ موصوفها ولم ترفعه كان معمولها مقرونا بـ «أل» وقد يعامل معاملتها إذا رفعته - في عدم المطابقة لما قبلها - فيقال: مررت برجل حسنة العين، كما يقال: حسنة عينه.
قال المصنف (¬2): حكى ذلك الفراء في سورة ص وَالْقُرْآنِ (¬3). قال (¬4):
والعرب تجعل الألف واللام خلفا من الإضافة فيقولون: مررت برجل حسنة العين، قبيح الأنف، والمعنى: حسنة عينه، قبيح أنفه (¬5)، قال المصنف: فعلى هذا يقال:
مررت برجل حسان الغلمان، وبرجل كريمة الأم، وبامرأة كرام الآباء، وكريم الأب، كما يقال: مررت برجل حسان غلمانه، وبرجل كريمة أمه، وبامرأة كرام آباؤها، وكريم أبوها، ومنه قول الشاعر:
2253 - أيا ليلة خرس الدّجاج (¬6) شهدتها ... ببغداد ما كادت عن الصّبح تنجلي (¬7)
-
¬__________
(¬1) ينظر الحديث بهذه الرواية وروايات أخرى في: البخاري باب (16) من كتاب المواقيت، وباب (23، 33) من كتاب التوحيد، وموطأ مالك
حديث (82) من كتاب السفر، وابن حنبل (2/ 257).
(¬2) شرح المصنف (3/ 101).
(¬3) سورة ص: 1.
(¬4) يعني: قال الفراء.
(¬5) هذا الكلام بنصه في معاني القرآن (2/ 480)، والتذييل والتكميل (4/ 900).
(¬6) صحة ذلك أن يقال: خرساء دجاجها، يراجع: شرح المصنف (3/ 101)، والتذييل والتكميل (4/ 901).
(¬7) البيت من الطويل، ولم ينسب لقائل معين.
اللغة: ليلة خرس، أي: لم يسمع فيها صوت، وفي اللسان مادة «خرس»: خرس خرسا فهو أخرس، وسحابة خرساء لا رعد فيها.
والشاهد فيه قوله: «خرس الدجاج»؛ حيث إنّ العرب تجعل الألف واللام خلفا من الإضافة، فخرس الدجاج على معنى: خرساء دجاجها، كما يقال: مررت برجل حسنة العين؛ والمعنى: حسنة عينه، ولذلك تعامل الصفة والمعمول بـ «أل» في الجر والنصب معاملتهما، والمعمول مضاف إلى الضمير في الرفع، فشبه ثم جمع الصفة، وجعلها على حسب الثاني. ويجوز أن يقول: خرساء الدجاج، لكنه حمله على المعنى من لفظ الدجاج حيث كان جمع دجاجة.
ينظر الشاهد أيضا: مجمع الأمثال (2/ 165)، وأمالي المرتضي (1/ 434)، وشرح الصفار (171 / أ).

الصفحة 2809