كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الفراء (¬1)، وليس هذا على تقدير «منه»؛ إذ لو كان كذلك لاستوى وجود الألف واللام وعدمها، كما استويا في مثل: البر الكر (¬2) بستين، فكان يجوز أن يقال: ضرب زيد ظهر وبطن، ومطرنا سهل وجبل، كما جاز أن يقال: البرّ كرّ بستّين، والسمن منوان بدرهم؛ لأنّ البعضية مفهومة مع عدم الألف واللام، كما هي مفهومة مع وجودهما.
ومن الاستغناء عن الضمير بالألف واللام قوله تعالى: مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ (¬3) أي: مفتحة لهم أبوابها (¬4). انتهى.
وقال الشيخ: وهذه نزعة كوفية (¬5).
وتقدم الردّ على هذه المذاهب وقد تأول الفارسيّ قوله: «خرس الدجاج»؛ على أنّ الليلة لطولها كالجمع، فكأنّ كلّ جزء ليلة (¬6)، كقولهم: [3/ 160] ثوب أخلاق (¬7)، ويحكى عن الأصمعي أنّ العرب تقول: ليلة خرس (¬8)؛ إذا لم يسمع فيها صوت، ثم خفّف بسكون العين، فهو مفرد وصف به مفرد (¬9). انتهى.
والأدلة التي أوردها المصنف دالة على صحّة هذا الاستعمال فوجب القبول، على أنّ الشيخ حكى في ذلك خلافا بين النحويين (¬10)، ثمّ قال: وينبغي ألّا يمنع ذلك، لكن في القياس على ما سمع منه نظر.
¬__________
(¬1) معاني القرآن للفراء (2/ 408).
(¬2) الكر: كيل معروف، والجمع أكرار وهو ستون قفيزا، والقفيز: ثمانية مكاكيك، والمكوك: صاع ونصف، ينظر: المصباح المنير «كرر».
(¬3) سورة ص: 50.
(¬4) ينظر هذا في: شرح المصنف (3/ 103).
(¬5) ينظر: معاني القرآن للفراء (2/ 408) ويقصد بقوله: «نزعة كوفية»: قول الكوفيين بأن «أل» تخلف الضمير.
(¬6) ينظر: التذييل والتكميل (4/ 904)، وفي شرح الصفار (1/ 171) (أخرجه الفارسي على أن يكون جعل كلّ جزء من الليلة ليلة، فجعل كل ليلة خرساء، ثم جمع فقال: ليلة خرس، كما قالوا:
ثوب أسمال، وبرمة أعشار؛ لأن كل جزء منها كل، فهذا وجه) اه. وينظر أيضا: منهج السالك (3/ 356).
(¬7) خلق الثوب - بضم اللام - إذا بلي، فهو خلق - بفتحتين - وأخلق لغة. ومثل «ثوب أخلاق» في هذا: برمة أعشار، وبرد أسمال.
(¬8) خرس - بضم الأول والثاني - بوزن «عنق».
(¬9) ينظر ما حكي عن الأصمعي في: كتاب المذكر والمؤنث لابن الأنباري (ص 686) ط. بغداد (1978 م) ومنهج السالك (ص 358).
(¬10) يراجع هذا الخلاف بين النحويين في: التذييل والتكميل (ص 904، 905).

الصفحة 2812