كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقال الشّاعر:
2259 - وما أنا من زرء وإن جلّ جازع ... ولا بسرور بعد موتك فارح (¬1)
فلم يقيد ذلك باستقبال ولا غيره، قال المصنف - بعد كلامه المتقدم -: «ومن هذا الردّ - يعني ردّ غير فاعل إلى فاعل - قوله تعالى: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ (¬2)، وعلى هذا المعنى قراءة بعض السلف:
(إنك مائت وإنهم مائتون) (¬3) والمعنى - على قراءة الجماعة - إنك وإياهم، وإن كنتم أحياء فأنتم في عداد الموتى؛ لأنّ ما هو كائن فكأنّه قد كان (¬4)، وعلى هذا نبّهت بقولي: (ما لم يقدّر الوقوع) (¬5)». انتهى.
يعني أنه إذا قصد الاستقبال ردّت إلى صيغة فاعل ما لم يقدر الوقوع فإن الصفة لا تردّ، كما في: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (¬6)، ثمّ قال (¬7): ومن الردّ إلى «فاعل» بقصد الاستقبال قول الحكم بن صخر: -
¬__________
(¬1) البيت من الطويل، وقائله: أشجع السلمي، من شعراء العصر العباسي، وقيل: هو لمطيع بن إياس، يرثي يحيى بن زياد، ولعل هذه النسبة أصحّ؛ لأن أشجع السلمي من المولدين الذين لا يحتج بشعرهم.
اللغة: الرزء: المصيبة.
والمعنى: مصيبتي فيك عظيمة، لست أجزع لما يصيبني بعدها، وإن عظم، ولا أفرح بما أنال من المسرات. اه.
والشاهد في قوله: «فارح»؛ حيث ردت الصفة المشبهة «فرح» ردت إلى فاعل، على صيغة اسم الفاعل، واستعملت استعماله؛ لإفادة معنى الحصول في المستقبل.
ينظر الشاهد في: العيني (3/ 574)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 172)، والتذييل والتكميل (4/ 907)، منهج السالك (ص 350).
(¬2) سورة هود: 12.
(¬3) سورة الزمر: 30.
(¬4) في البحر المحيط (7/ 425): وقرأ ابن الزبير، وابن أبي إسحاق، وابن محيصن، وعيسى، واليماني، وابن أبي غوث، وابن أبي عبلة: (إنك مائت وهم مائتون) وهي تشعر بحدوث الصفة.
(¬5) من شرح المصنف (3/ 103).
(¬6) وهذه قراءة الجمهور، في البحر المحيط (7/ 425): (والجمهور: (ميت) و (ميتون،) وهي تشعر بالثبوت واللزوم) اه.
وقال الدماميني في شرحه على التسهيل (3/ 32): وهذه القراءة، وهي قراءة السبعة، أبلغ من قراءة بعضهم: (إنك مائت وإنهم مائتون) اه.
(¬7) الكلام الآتي من شرح المصنف (3/ 103).

الصفحة 2814