2264 - ما الرّاحم القلب ظلّاما وإن ظلما ... ولا الكريم بمنّاع وإن حرما (¬1)
فقال الشيخ (¬2): عبارة المصنف في المتعدّي مطلقة، والقول في ذلك: إنّه إن تعدّى بنفسه إلى أكثر من واحد فلا
خلاف أنّه لا يجوز تشبيهه، فإذا قلت: مررت برجل معطى أبوه درهما، أو معلم أبوه زيدا قائما؛ لا يجوز: معطى الأب درهما، ولا: معلم الأب زيدا قائما، وإن تعدّى [3/ 161] لواحد بحرف جر فجوزه الأخفش، وصححه ابن عصفور (¬3)، فتقول: مررت برجل بارّ الأب بزيد، بنصب «الأب» أو بجرّه، ويستدل بقولهم: هو حديث عهد بالوجع (¬4)، فـ «الوجع» متعلق بـ (حديث) وهو صفة مشبهة، ومنع ذلك الجمهور فقالوا:
«بالوجع» متعلق بـ (عهد) لا بالصفة (¬5).
وإن تعدّى إلى واحد بنفسه فمنعه الأكثرون (¬6)، وأجازته طائفة، وفصل آخرون، فقالوا: إن حذف المفعول اقتصارا جاز، وإلّا لم يجز، وهو اختيار ابن عصفور، وابن أبي الربيع، قال: وهو تفضيل حسن؛ لأنه إن لم يحذف المفعول، أو حذف اختصارا فهو كالمثبت، فيكون الوصف - إذ ذاك - مختلف التعدّي والتشبيه، وهو واحد، وذلك لا يجوز (¬7). انتهى.
وتمثيل المصنف، والمثال الذي ذكره عن أبي عليّ والبيت الذي أنشده يشعر بأنه لا يجوز إلا فيما تعدّى إلى واحد بنفسه، وقد حذف اقتصارا، ونقل الشيخ عن الصّفار أنه أنشد: -
¬__________
(¬1) البيت من البسيط، ولم ينسب لقائل معين، وفي العيني (3/ 618): (ما الراحم القلب بذي ظلم، وليس بذي منع، وليس المراد به المبالغة) اه.
والشاهد فيه: «ما الراحم القلب»؛ فقد قصد ثبوت المعنى في اسم الفاعل المصوغ من المتعدي، فعومل معاملة الصفة المشبهة.
ينظر الشاهد في: شرح التصريح (2/ 71)، والأشموني (2/ 202)، والدرر (2/ 136).
(¬2) الكلام الآتي في التذييل والتكميل (4/ 910، 911)، والنقل هنا بتصرف.
(¬3) لمراجعة رأي الأخفش وابن عصفور ينظر: منهج السالك (ص 358)، والتذييل والتكميل (4/ 910).
(¬4) ينظر: الكتاب (1/ 197)، وشرح الصفار (173 / أ)، والتذييل والتكميل (4/ 910).
(¬5) ينظر: منهج السالك (ص 358)، والتذييل والتكميل (4/ 910).
(¬6) ينظر: منهج السالك (ص 358)، وشرح التسهيل للمرادي (203 / أ)، والتذييل والتكميل (4/ 911).
(¬7) أي: انتهى كلام الشيخ أبي حيان، وهو في التذييل والتكميل (4/ 910، 911).