كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المردود إلى فعله؛ قصدا للتوحيد، والدلالة على المرة؛ لأنّه غير عن الصفة التي اشتقّ منها الفعل وعللّ ذلك - في شرح الكافية - بأنّه بالتاء صار بمنزلة أسماء الأجناس التي لا تناسب الأفعال فلا يقال: عرفت ضربتك زيدا، ونحو ذلك، قال: فإن روي مثله عمّن يوثق بعربيته حكم بشذوذه، ولم يقس عليه (¬1)، فمن ذلك ما أنشده الفارسيّ - في التذكرة - (¬2) من قول الشاعر:
2278 - يحايي به الجلد الذي هو حازم ... بضربة كفّيه الملا نفس راكب (¬3)
فنصب «نفس راكب» بـ «يحابي» ومعناه يحيي، ونصب «الملا» بـ «ضربة كفّيه» ومراد قائل البيت: وصف مسافر معه ماء، فتيمّم، وأحيا بالماء نفس راكب كاد يموت عطشا ومنه قول كثيّر (¬4):
2279 - وأجمع هجرانا لأسماء أن دنت ... بها الدّار لا من زهدة في وصالها (¬5)
-
¬__________
(¬1) في شرح الكافية لابن مالك (2/ 1014، 1015)، تحقيق د/ هريدي: (ولذا لا يعمل المصدر إذا حد بالتاء؛ لأن دخول التاء عليه دالة على المرة يجعله بمنزلة أسماء الأجناس التي لا تناسب الأفعال، فلا يقال: عجبت من ضربتك زيدا، فإن سمع ذلك قبل ولم يقس عليه) اه.
(¬2) ينظر: التذييل والتكميل (4/ 923)، والتذكرة من كتب أبي علي الفارسي المفقودة.
(¬3) البيت من الطويل، وقد نسب لذي الرمة، وهو في ملحقات ديوانه (3/ 1864)، في القسم الرابع المجهول من شعره، تحقيق د/ عبد القدوس أبو صالح، مطبعة طرين بدمشق (1392 هـ - 1972 م).
اللغة: يحايي، بمعنى: يحيي، ومصدره الإحياء، الجلد: القوي، الملا مقصور، وبفتح الميم به:
التراب.
المعنى: يصف الشاعر مسافرا معه ماء فتيمم، وأحيا بالماء نفس راكب كاد يموت عطشا، وهكذا فسره المرادي في: توضيح المقاصد والمسالك (3/ 7).
والشاهد في البيت قوله: «بضربة كفّيه الملا»؛ فإن «ضربة» مصدر محدود، أضيف إلى فاعله، ونصب «الملا» وهو مفعوله، وهذا شاذ، لكنه سمع من موثوق به.
ينظر الشاهد أيضا في: العيني: (3/ 527)، والأشموني (2/ 286)، والدرر (2/ 122).
(¬4) هو كثير بن عبد الرحمن بن أبي جمعة، والمعروف بكثير عزة، وقد سبقت ترجمة مفصلة له.
(¬5) البيت من الطويل، وهو في ديوان كثير (ص 92) تحقيق د/ إحسان عباس، ط. بيروت (1391 هـ - 1971 م).
اللغة: الزهدة: كالزهد، الإعراض عن الشيء لقلة الرغبة فيه.
والشاهد هنا في قوله: «من زهدة في وصالها»؛ حيث أعمل المصدر المحدود وهو «زهدة».
ينظر الشاهد في: الشعر والشعراء (1/ 520)، والتذييل والتكميل (4/ 923).

الصفحة 2826