كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وصلت «يفهم» إلى «رجل» وإن كانت إنما وصلت «وجدت» ونابت «يفهم» منابه، ولما كان قولك: رب رجل يفهم؛ بمنزلة: أقل رجل يفهم، وتنزّل منزلته؛ صار بمنزلة المبتدأ والخبر، وصارت «رب رجل» مبتدأ و «يفهم» خبره، ولذلك أجراه بعض المتأخرين مجرى «بحسبك زيد»، وهذا إنما يجري فيها في بعض وجوهها، وأما الأصل فما ذكرته أولا. ومن هذا - والله تعالى أعلم - قول امرئ القيس:
2686 - فيا ربّ مكروب كررت وراءه ... وعان فككت الغلّ عنه ففدّاني (¬1)
فإنك لا تقدر أن تعلق «رب مكروب» بـ «كررت»، ولا تقدر أن تقدّر محذوفا يتعلق به فيجري مجرى ما ذكرته (¬2). انتهى كلامه.
وأما الشيخ فإنه مقتف كلام هذين الرجلين، ولم يظهر لي ما الذي هو مختاره في المسألة المذكورة؛ فإنه قال: وفي قول المصنف: ولا مضيّ ما تتعلق به نصّ على أنها تتعلق كحروف الجر غير الزوائد (¬3) قال: وهذا مسألة اختلاف [فيها] (¬4). ذهب الرماني (¬5)، وابن طاهر إلى أنها لا تتعلق بشيء، وحكاه شيخنا ابن أبي الربيع عن بعض المتأخرين (¬6)، وذهب الجمهور إلى أنها تتعلق، واختلفوا [في موضع المجرور بها]؛ فذهب الزجاج (¬7) إلى أن مجرورها في موضع نصب أبدا، وذهب الجرمي (¬8)، والأخفش إلى أنها تزاد في الإعراب ويحكم على موضع مجرورها بالنصب والرفع على حسب العوامل بعدها ويجوز [فيه] الاشتغال إذا كان العامل قد عمل في ضميره، أو سببيه نصبا، ويعطف على لفظه وعلى موضعه (¬9).
وذكر حذف الفعل الواقع بعد «ربّ» فقال: وحذف الفعل الذي يكون خبرا لمجرور «رب»، أو عاملا في موضعه، أو مفسرا لعامل نادر وفاقا لسيبويه (¬10) والخليل، لا كثير خلافا للفارسي (¬11)، والجزولي (¬12)، ولا ممنوع خلافا للكذة -
¬__________
(¬1) تقدم.
(¬2) ينظر: التذييل (4/ 40) في إيجاز.
(¬3) التذييل (7/ 90 أ).
(¬4) زيادة من التذييل.
(¬5) وانظر: الهمع (2/ 27).
(¬6) التذييل (4/ 43)، والهمع (2/ 28).
(¬7) التذييل (4/ 43)، والمغني (ص 137)، والهمع (2/ 28).
(¬8) المغني (ص 136، 137).
(¬9) التذييل (7/ 90، 91) بتصرف.
(¬10) الكتاب (3/ 103، 104)، والهمع (2/ 28).
(¬11) الهمع (2/ 28).
(¬12) عيسى بن عبد العزيز أبو موسى أندلسي لزم ابن بري وأخذ عنه الشلوبين وابن معط له: شرح -