كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بمضمر بعد «إن والفاء» الجزائيتين ما حكى يونس من قولهم: مررت برجل صالح إن لا صالح فطالح؛ على تقدير: إن لا أمر بصالح فقد مررت بطالح، وأجاز امرر بأيهم هو أفضل إن زيد وإن عمرو، على معنى: إن مررت بزيد، أو مررت بعمرو (¬2).
قال المصنف: وجعل سيبويه إضمار الباء بعد «إن» لتضمن ما قبلها إياها أسهل من إضمار «رب» بعد الواو (¬3)، فعلم بذلك اطراده عنده. وشبيه بما روى يونس ما في البخاري من قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث، وإن أربعة فخامس أو سادس» (¬4)، ويجوز رفع «أربعة» على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، وجرها على حذف المضاف، وبقاء عمله ونظائر الرفع أكثر.
قال: والقياس على هذه الأوجه كلها جائز، ومنعه الفراء (¬5) في نحو: زيد، لمن قال: بمن مررت؟ والصحيح جوازه لقوله عليه الصلاة والسّلام: «أقربهما منك بابا» بالجر؛ إذ قيل له: فإلى أيّهما أهدي.
وكقول العرب: خير، لمن قال: كيف أصبحت؟ (¬6) بحذف الباء وإبقاء عملها؛ لأن معنى «كيف»: بأي حال؟ فجعلوا معنى الحرف دليلا، فلو لفظ به لكانت الدلالة أقوى وجواز الجر أولى. وقد يجر بحرف محذوف في غير ما ذكر مقيسا، ومسموعا.
فالمقيس نحو: بكم درهم؟ ولا سابق شيئا، وألا رجل جزاه الله خيرا، وقد ذكرت هذه الأنواع الثلاثة في أبوبها. ومن المقيس نحو: ها الله لأفعلن، مما يذكر في باب القسم.
والمسموع كقول الشاعر:
2717 - سألت الفتى المكّيّ ذا العلم ما الّذي ... يحلّ من التّقبيل في رمضان
فقال لي المكّيّ إمّا لزوجة ... فسبع وإمّا خلّة فثمان (¬7)
- (1) الارتشاف (ص 747).
¬__________
(¬2) الأشموني (2/ 235)، والكتاب (2/ 163) وما بعدها.
(¬3) ينظر: الكتاب (1/ 106، 263، 264)، (3/ 9، 104، 128، 498).
(¬4) عن أبي هريرة - البخاري: مواقيت الصلاة (41)، والترمذي: أطعمة (21)، والموطأ: صفة النبي (20).
(¬5) الأشموني (2/ 234)، والتصريح (2/ 22، 23)، والهمع (2/ 37).
(¬6) راجع: الأشموني (2/ 233)، والتصريح (2/ 23)، والهمع (2/ 37).
(¬7) انظرهما في التذييل (4/ 177)، وفيه أنه أنشدهما أبو العباس، وشرح السيرافي (1/ 175) وفيه:
«سل المفتي».

الصفحة 3062