كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كون المبتدأ مقسما به من قبل نفسه جاز إثبات خبره وحذفه كقولك حالفا: عليّ عهد الله أو يمين الله يلزمني؛ فلك أن تجيء به هكذا، ولك أن لا تلفظ بـ «عليّ» ولا «يلزمني»؛ لأن ذكر الجواب يدل السامع على أنك مقسم، وقد كان قبل ذكره مجوزا أنك غير مقسم ومجوزا أنك مقسم. ولم يمتنع حذف الخبر؛ لكونه مفهوم المعنى بعد ذكر الجواب فلو لم يقترن «لعمر الله» باللام لجاز نصبه كقول أبي شهاب الهذلي:
2756 - فإنّك عمر الله إن تسأليهم ... بأحسابنا إذا تجلّ الكبائر
ينبؤك أنّا نفرج الهمّ كلّه ... بحقّ وأنّا في الحروب مساعر (¬1)
فلهذا قلت: (والمحذوف الخبر إن عري من لام الابتداء جاز نصبه بفعل مقدر). ثم نبهت على أن العين من «لعمر الله» ونحوه عند عدم اللام يجوز فيها الفتح، والضم، وكان ينبغي أن يجوزا مع وجود اللام لكن خصّ مع كثرة الاستعمال في مصاحبة اللام بالفتح؛ لأنه أخف اللغتين. ومن دخول الباء عليه عند عدم اللام قول الشاعر:
2757 - رقيّ بعمركم لا تهجرينا ... ومنّينا المنى ثمّ امطلينا (¬2)
ومثله:
2758 - أأقام أمس خليطنا أم سارا ... سائل بعمرك أيّ ذاك اختارا (¬3)
وقولي: (ويلزم الإضافة مطلقا) أي: إلى الظاهر والمضمر ومع وجود اللام وعدمها.
واحترزت بقولي: وإن كان «ايمن» الموصول الهمزة من «أيمن» بقطع الهمزة فإنه جمع يمين بلا خلاف، وحكمه إذا أقسم به حكم واحده. وأما الموصول الهمزة فيلزم الإضافة إلى «الله» أو إلى «الكعبة»، أو إلى ضمير المخاطب وإلى «الذي» لكن إضافته إلى غير «الله» قليلة وإضافته إلى ضمير المخاطب وإلى «الذي» أقلّ من إضافته إلى الكعبة.
ومن إضافته إلى ضمير المخاطب قول عروة بن الزبير (¬4) رضي الله تعالى عنهما -
¬__________
(¬1) البيتان من الطويل، وانظرهما في التذييل (7/ 128)، والكافية والشافية (2/ 875) برواية: فإن يك.
(¬2) من الوافر لعبد الله بن قيس الرقيات - ديوانه (ص 137)، والدرر (2/ 46)، والمحتسب (1/ 43)، والموشح (ص 149)، والهمع (2/ 41).
(¬3) من الكامل، والخليط: المجاور، أو الذي خلطته بنفسك، وهو لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه (ص 127)، والكافية الشافية (2/ 876).
(¬4) عروة بن الزبير بن العوام الأسدي القرشي أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، «بئر عروة» بالمدينة منسوبة إليه (ت: 93 هـ). راجع: الأعلام (5/ 17)، وحلية الأولياء (2/ 176)، وصفة الصفوة (2/ 47).

الصفحة 3086