كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فالجواب: أن جواب القسم إنما هو «لو» وجوابها و «لولا» وجوابها، وإنما لو كان المقصود بالإخبار عنه هو جوابهما أسند الأمر إليه مع أن الجواب لا بد له من شيء يكون هو جوابا له؛ فكان لزوم ذكره جاريا مجرى ذكره، فلهذا لم يحتج إلى التعرض إليه.
فإن قيل: كيف يصح أن يعلل منع أن يكون للقسم جواب مقدر في نحو: والله لو قام زيد لقام عمرو، ولولا زيد لقام عمرو - بأن المقسم عليه إنما هو «قيام عمرو» المعلق على «قيام زيد» مع «لو» وعلى «وجود زيد» مع «لولا» وهذا بعينه موجود في الشرط غير الامتناعي؛ لأن المقسم عليه أيضا في نحو: والله إن قام زيد ليقومن عمرو؛ إنما هو «قيام عمرو» والمعلق على «قيام زيد»، ومع هذا فقد أتى للقسم بجواب يخصه؛ فلم لا يقال: إن الشرط وجوابه يكون جوابا للقسم في الشرط غير الامتناعي كما قيل: إن الشرط وجوابه هو جواب القسم في الشرط الامتناعي؟!
فالجواب: أن يقال: إن الجواب في الشرط الامتناعي ممتنع الوقوع، أما إذا كان حرف الشرط «لو» فلأنه علق على حصول أمر قد ثبت أن وجوده ممتنع وأما إذا كان حرف الشرط «لولا» فلأن الامتناع معها معلق على وجود شيء مقطوع بأنه موجود، وإذا كان جواب الشرط الامتناعي ممتنع الوقوع لما ذكرنا؛ امتنع تقدير جواب للقسم، إذ يلزم من تقديره أن يكون المقدر ممتنع الوقوع لتطابق جواب الشرط والقسم؛ لأن جملة القسم إنما هي مؤكدة بجملة الشرط فيتعين اتفاق المدلولين. ولا شك أن جواب القسم - إذا قدرناه - ليس ثم ما يدل على أنه ممتنع فيلزم من تقديره حينئذ تخالف الجوابين من حيث إن أحدهما مقطوع بامتناعه، والآخر ليس كذلك.
وأما جواب الشرط غير الامتناعي؛ فليس ممتنع الوقوع، وإذا لم يكن ممتنع الوقوع؛ فجواب القسم مساو له في احتمال الوقوع وعدمه، فلذلك جاز أن يقدر مدلولا عليه بجواب الشرط؛ لأن المتساويين يجوز دلالة كل منهما على الآخر. هذا ما أدى إليه النظر في هذه المسألة، والله تعالى أعلم بالصواب.
وأما قول ابن عصفور: إن «أن» حرف يربط المقسم به بالمقسم عليه في نحو: والله أن لو قام زيد لقام عمرو؛ فلا يتحقق؛ لأن الرابط لا يجوز الإخلال به، بل يجب المحافظة عليه. ولا شبهة في جواز قولنا: والله لو قام زيد لقام عمرو. وقد تقدم إنشاد المصنف:
2833 - فأقسم لو أبدى النديّ سواده
ـــــــــــــــــــــــــــــ

الصفحة 3127