كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والحق أن: «أن» في نحو: والله أن لو قام زيد لقام عمرو؛ زائدة. ويذكر الدليل على زيادتها في باب إعراب الفعل (¬1) إن شاء الله تعالى.
ومنها:
أن ابن عصفور لمّا ذكر مسألة اجتماع القسم والشرط، وأن الجواب الذي يذكر يكون للمتقدم فيها، وأن المتأخر منها يحذف جوابه - أتبع ذلك بذكر مسألة فقال (¬2): فإن تقدم على القسم ما يطلب خبرا، أو ما يطلب صلة فإنه يجوز أن يبنى الجواب على القسم، وقد يجوز أن يبنى على المبتدأ والموصول فتقول: زيد والله يقوم، وإن شئت: زيد والله ليقومن، ويعجبني الذي والله يقوم، وإن شئت:
يعجبني الذي والله ليقومن، فإن بنيت على الأول حذفت جواب القسم؛ لدلالة ما تقدم عليه، وإن بنيت على القسم كان القسم وجوابه في موضع خبر المبتدأ، أو صلة الموصول، ولذلك جاز في هذين الموضعين البناء على الثاني؛ لأنه لا يؤدي ذلك إلى حذف مع تأخير الدليل (¬3). انتهى.
وأشار بقوله: لأنه لا يؤدي ذلك إلى حذف مع تأخير الدليل» إلى ما هو كالجواب عن سؤال قد يسأل وهو أن يقال: لم لا يمتنع في هذه المسألة أن يبنى الكلام على المتأخر كما امتنع في مسألة اجتماع القسم والشرط؟
والجواب عن ذلك: أن كلّا من القسم والشرط لا بد له من جواب، والشرط لا يصلح جواب قسم والقسم لا يصلح جواب شرط، ولا بد من ذكر أحدهما وحذف الآخر؛ فلزم أن يكون المذكور دالّا على المحذوف، فلو دل على المتقدم بالمتأخر بأن يحذف الأول لدلالة الثاني عليه؛ لكنت قد حذفت شيئا قبل ذكر ما لا يدل عليه، وقد قال: إن الباب في المحذوفات التي يفسرها اللفظ ألا يحذف شيء منها إلا لتقدم الدليل عليه.
وأما المسألة التي أشار إليها: فإنك إن بنيت على الأول - أعني المبتدأ، أو الموصول - حذفت جواب القسم الذي هو الثاني؛ لدلالة المتقدم عليه، وإن بنيت -
¬__________
(¬1) يقول ابن مالك في زيادة «أن»: (والزائدة هي التي دخولها في الكلام كخروجها، وتقع بعد لما الحينية نحو: فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ وبين القسم و «لو» مثل: أما والله أن لو قام زيد قام عمرو). من شرح التسهيل (4/ 51).
(¬2) شرح الجمل (1/ 529).
(¬3) المرجع السابق (1/ 530).

الصفحة 3128