كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
على الثاني - أعني القسم - فلا حذف؛ لأنه هو وجوابه يكونان خبر المبتدأ أو صلة الموصول؛ لصلاحه لذلك.
ومنها:
أنه قد علم من كلام المصنف أمران:
أحدهما: أن الجواب الذي يذكر إنما يكون لما تقدم من قسم أو شرط عند اجتماعهما، ويحذف جواب المتأخر منهما لدلالة جواب المتقدم عليه إلا أن يتقدمهما ذو خبر؛ فيتعين حينئذ أن يكون الجواب للشرط سواء تقدم الشرط [4/ 59] على القسم أم تأخر، ويشمل «ذو خبر»: المبتدأ، واسم «كان»، واسم «إن»، وأول مفعولي «ظننت» وأخواتها، وثاني مفعولات «أعلمت» وأخواتها.
الأمر الثاني: أنه قد يجاب الشرط مع تأخره عن القسم وإن لم يتقدمهما ذو خبر؛ فيكون جواب القسم محذوفا مع كونه متقدما على الشرط.
أما الأمر الأول: فكلام ابن عصفور يخالفه؛ لأنه لا يتعين عنده أن يكون الجواب للشرط بل قال: ما ذكرته من أن العرب لا تجعل جوابا للشرط المتوسط بينه وبين القسم إنما هو بشرط ألا يتقدم القسم اسم مبتدأ، فإن تقدمه ذلك؛ جاز جعل الفعل جوابا للشرط في فصيح الكلام نحو قولك: زيد والله إن يقم يقم عمرو. هذا كلامه في «شرح الإيضاح».
فلم يجعل الجواب متعينا للشرط، بل ذلك عنده من الجائز الفصيح. على أنه قد ذكر في «شرح الجمل» أن الجواب يكون للمتقدم دون أن يتعرض إلى تفصيل في ذلك (¬1).
قال الشيخ: وفي الشرح المنسوب لأبي الفضل البطليوسي (¬2) قال سيبويه: أنا والله إن تأتني آتك. انتهى لفظ سيبويه، قال في الشرح: لك أن تبني على المبتدأ فتقول: آتيك، وتحذف جواب الشرط والقسم؛ لتقدم الدليل، وأن تبني على القسم أي فتقول: لآتينك؛ فالجملة من القسم والشرط في موضع خبر المبتدأ، وأن تبني على الشرط؛ فالشرط وجوابه خبر للمبتدأ. والنية به أن يتقدم على القسم -
¬__________
(¬1) شرح الجمل (1/ 529).
(¬2) إبراهيم بن محمد أبو إسحق، من أهل بطليوس بالأندلس، ويلقب أيضا بالأعلم (ت 637 هـ).
الأعلام (1/ 60)، والبغية (ص 185).

الصفحة 3129