كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
منصوبا بقوله تعالى: تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (¬1)، قال: ويجوز أن يكون منصوبا بقوله تعالى: واجِفَةٌ من قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ (¬2)، وكرر يَوْمَئِذٍ توكيدا.
قال: ويحتمل أن يكون جواب القسم [قوله] قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ وحذفت اللام لطول الكلام، ويكون يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (6) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (¬3) اعتراضا بين القسم وجوابه (¬4)، قال: ويجوز أن يكون معمولا لـ «واجفة» وسهّل تقديمه كونه ظرفا، وكون اللام التي هي في الجواب محذوفة (¬5). انتهى.
والناظر إذا تأمل هذه التخريجات التي ذكرها الشيخ علم أن الذي قاله المصنف أمثل، وأمتع، وأرجح. وأما الثاني وهو القسم المقرون بأحد حروف الإجابة كقوله تعالى: أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا (¬6)؛ فظاهر كلام المصنف أن الدالّ على الجواب هو القسم المقرون بحرف الجواب؛ لأنه قال: إن الاستغناء عنه حصل بذلك وهو غير ظاهر؛ فإن الدالّ على الجواب إنما هو الكلام المتقدم من المستفهم، فإذا قيل: أتفعل كذا؟ فقلت: نعم والله، أو: لا والله؛ فالتقدير: نعم والله لأفعلن، وو الله لا أفعل، فالمحذوف في كلام القسم هو المذكور في كلام المستفهم، والآية الشريفة الأمر فيها كذلك؛ فالتقدير: قالوا: بلى وربنا لهذا الحق. وهذا ما ذكره المصنف.
وأما ابن عصفور فإنه قال (¬7): ولا يجوز حذف جواب القسم إلا إذا توسط بين شيئين متلازمين كما تقدم - ويعني بالمتلازمين: الشرط وجوابه، والمبتدأ والخبر، والموصول والصلة - أو جاء عقب كلام يدل على الجواب نحو: زيد قائم والله، فحذف جواب القسم لدلالة «زيد قائم» عليه. قال: ولذلك جعل سيبويه «ذا» من قول العرب: لا هاالله
ذا؛ خبر ابتداء مضمر (¬8) كأنه قال: لا هاالله للحق ذا؛ والجملة التي هي «للحق ذا» جواب القسم، ولم يجعل «ذا» صلة لله تعالى كما ذهب إليه الأخفش (¬9) كأنه قال: لا هاالله الحاضر؛ فإنه يؤدي إلى حذف جواب -
¬__________
(¬1) سورة النازعات: 7.
(¬2) سورة النازعات: 8.
(¬3) سورة النازعات: 6، 7.
(¬4) التذييل (7/ 170).
(¬5) التذييل (7/ 170).
(¬6) سورة الأنعام: 30.
(¬7) شرح الجمل (1/ 530).
(¬8) الكتاب (2/ 145).
(¬9) ووافقه المبرد في المقتضب (2/ 322).

الصفحة 3140