كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ثم قدم «ها» على القسم (¬1)، قال: وعلى هذا الوجه أخذه الخليل وهو حسن، ولك أن تجعلها للتنبيه دون أن تلحظ أنها التي مع اسم الإشارة كما هي في قول النابغة:
2856 - ها إنّ ذي عذرة [إن لم تكن نفعت ... فإنّ صاحبها قد تاه في البلد] (¬2)
فهي ههنا تنبيه، ولا يجوز أن يكون الأصل: هذي، ثم قدمت؛ لأن «إن» لها الصدر فلا يتقدم ما في حيزها، وقد تقدم لنا من كلام ابن عصفور.
ومنها:
أن المصنف [4/ 63] جعل «جير» من حروف الإجابة وقال: إنه الأصح - يعني القول بحرفيتها - ولا شك أن القائل باسميتها يجعلها من الكلمات المقسم بها، وقد تقدم لنا ما ذكرناه عن ابن عصفور وهو قوله - بعد ذكر الأسماء التي يقسم بها وهي: لعمر الله، وايمن الله، وأمانة الله، وما لزم الرفع منها، وما لم يلزمه -: وأما «عوض» و «جير» فمبنيان يجوز أن يحكم على موضعهما بالنصب، وبالرفع.
وقد قال الشيخ في الارتشاف (¬3): وأما «جير» فمذهب سيبويه أنها اسم (¬4)، وقد تفتح راؤها، وقد ذهب قوم إلى أنها حرف من حروف الإجابة، وقيل: هي مصدر والمعني: حقّا لأفعلن، وبنيت لقلة تمكنها؛ لأنها لا تستعمل إلا في القسم ثم قال: وما ذكره الزجاجي من أن «عوض» يستعمل في القسم (¬5) مذهب كوفي والبصريون لا يعرفون
القسم به. قال: وقال صاحب الملخص (¬6): يعوض من القسم «عوض» وهو اسم مبني على الضم لقطعه عن الإضافة، أو على الفتح؛ لأنه أخف، ولا يقال: عوض والله لأفعلن، وإن جاء فقليل وهو الأصل، وفيه الجمع بين العوض والمعوض عنه. انتهى.
ولا شك أن «عوض» ظرف من ظروف الزمان؛ فكيف يقسم بها؟! إلا أن يكون -
¬__________
(¬1) التذييل (4/ 67)، والهمع (2/ 44، 45).
(¬2) البيت من البسيط للنابغة الذبياني، وانظر ديوانه (ص 27) برواية «مشارك النكد»، والخزانة (2/ 478)، وشرح المفصل (8/ 113، 114) وبالأصل بعد عذرة: ... البيت.
(¬3) الارتشاف (2/ 494).
(¬4) الكتاب (3/ 286).
(¬5) جمل الزجاجي بشرح ابن هشام (ص 65).
(¬6) هو ابن أبي الربيع. قاله السيوطي في البغية (2/ 125)، وقد تقدمت ترجمته.

الصفحة 3142