كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 7)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
منه أن اللفظية لا مدخل لها في ذلك.
الخامس:
لم يذكر الجماعة الإضافة بمعنى «في»، وقد أثبتها المصنف واستدل بما تقدم ذكره بعد أن قال: قد أغفل ذلك أكثر النحويين.
قال الشيخ: لا أعلم أحدا ذهب إلى أن الإضافة بمعنى «في» غيره - يعني غير المصنف - قال: وهذه الشواهد التي ذكرها لا دليل فيها، إذ كثير مما استدل به هو من باب الصفة المشبهة فإضافته غير محضة لأنه قصد بها التخفيف وما ليس من باب الصفة قدر فيه اللام كقوله تعالى: بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ (¬1) فإن الحذاق يقولون: إن هذا من إسناد الشيء إلى ما وقع فيه على سبيل التوسع وارتكاب المجاز (¬2). انتهى.
أما قوله: إنه لا يعلم أحدا ذهب إلى ذلك غير المصنف؛ فيعطي أن المصنف هو المنفرد بهذا القول، ولكن قول المصنف: قد أغفل ذلك أكثر النحويين؛ يفهم منه أن أقلهم لم يغفله بل ذكره، ثم إن ابن الحاجب ذكر المسألة في مقدمته (¬3) وربما اتبع في ذلك الزمخشري (¬4). وأما قوله: إن أكثر ما استدل به المصنف من باب الصفة المشبهة فإضافته غير محضة؛ فكلام صحيح لما عرفت من أن الإضافة اللفظية لا تقدر بحرف.
وأما قوله: وما ليس من باب الصفة قدر فيه اللام كقوله تعالى: بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ، وأن هذا من باب إسناد الشيء إلى ما وقع فيه على سبيل التوسع وارتكاب المجاز؛ فكلام صحيح أيضا. وقد تقدم قول المصنف في باب الظرف: (ويتوسع في الظرف المتصرف) (¬5)، ولكن لا يلزم من هذا أنه يمنع الإضافة إلى الظرف.
بل له أن يقول: قد يتوسع في الظرف، وقد لا يتوسع بل يبقى على حاله ظرفا، فإن أضيف إليه وقد يتوسع فيه فالإضافة بمعنى اللام، وإن كان باقيا على ظرفيته دون توسع فالإضافة بمعنى «في» حينئذ. وعلى هذا لا منافاة بين قوله هنا: إن إضافة الشيء إلى ظرفه تكون بمعنى «في» وقوله في باب الظرف: إنه قد يتوسع فيه -
¬__________
(¬1) سورة سبأ: 33.
(¬2) التذييل (7/ 180).
(¬3) الكافية بشرح الرضي (1/ 273).
(¬4) المفصل (2/ 118)، وراجع: الأشباه (2/ 192)، والتصريح (2/ 26)، والخصائص (3/ 26)، والمقتضب تعليق الشيخ عضيمة (4/ 143).
(¬5) شرح التسهيل (99) وما بعدها.

الصفحة 3163