كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 7)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كما قيل مع الألف واللام في غير النداء جاء القاضي وجاء القاض. والأول مذهب الخليل والثاني مذهب يونس. وقوّى سيبويه قول يونس (¬1) وإن كان المنقوص ذا أصل واحد كاسم فاعل أرى ثبتت الياء بإجماع، فيقال: يا مري، ولا يقال: يا مر وإذا اضطر شاعر إلى تنوين المنادى المضموم جاز بقاء الضم وهو الأكثر وجاز نصبه وهو الأقيس لأن البناء استحق لشبه المضمر، وقد ضعف بالتنوين؛ لأن المضمر لا ينون ولكنه عارض للضرورة فجاز أن لا يعتدّ به.
وحكى ابن السراج أن بقاء الضم إذا اضطر إلى التنوين اختيار الخليل وسيبويه وأبو عمرو ويونس وعيسى بن عمر والجرمى يختارون النصب (¬2) وما حكاه ابن السراج حكاه المبرد أيضا وزاد أن المازني مثل الخليل وسيبويه (¬3).
قلت: وعندي أن بقاء الضمة راجح في العلم والنصب راجح في النكرة المعينة لأن شبهها بالمضمر أضعف، ومن
شواهد البقاء على الضم قول الأحوص:
3422 - سلّام الله يا مطر عليها ... وليس عليك يا مطر السّلام (¬4)
ومنها: ما أنشد الفراء من قول لبيد:
3423 - قدّموا إذ قيل (قيس) (¬5) قدّموا ... وارفعوا المجد بأطراف الأسل (¬6)
أراد قدموا يا قيس قدموا. وأنشد غيره لعدي بن ربيعة يرثي أخاه مهلهلا (¬7): -
¬__________
(¬1) في الكتاب (4/ 184) «وسألت الخليل عن القاضي في النداء فقال: اختار يا قاضي؛ لأنه ليس بمنون كما اختار هذا القاضي وأما يونس فقال: يا قاض، وقول يونس أقوى؛ لأنه لما كان من كلامهم أن يحذفوا في غير النداء كانوا في النداء أجدر لأن النداء موضع حذف يحذفون التنوين، ويقولون:
يا حار، ويا صاح، ويا غلام أقبل.
(¬2) ينظر في ذلك الأصول (1/ 344) وما بعدها، والكتاب (2/ 202، 203، 3/ 504، 508)، والتصريح (2/ 171) وما بعدها.
(¬3) المقتضب (4/ 213) وما بعدها، والتصريح (2/ 171، 172)، والمازني وأثره (ص 323 - 325)، والهمع (1/ 173، 2/ 167).
(¬4) تقدم ذكره.
(¬5) من الديوان.
(¬6) من الرمل - ديوانه (ص 192) برواية: قال .. واحفظوا، واللسان: قدم.
(¬7) من بنى جشم من تغلب كانت له عجائب في وقائع بكر - وتغلب - وانظر الأعلام (5/ 9)، والجمهرة (ص 305).