كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 7)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أراد: إيّاك أن تمارى، ثم أوقع موقع «أن تماري»، «المراء» فعامله معاملة ما هو واقع موقعه (¬1)، ويجوز أن يكون نصب «المراء» بفعل مضمر (¬2) غير الذي نصب «إيّاك» وعلى كل حال فلا يجوز مثل هذا إلّا في الشعر.
وليس العطف بعد «إيّاك من عطف الجمل خلافا (¬3) لابن طاهر وابن خروف، ولا من عطف المفرد على تقدير: اتّق نفسك أن تدنو من الشّرّ أن يدنو منك، بل هو من عطف المفرد على تقدير: اتّق تلاقي نفسك والشّرّ فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه (¬4)، ولا شك أن هذا أقلّ تكلّفا فكان أولى.
ويساوي التّحذير في كل ما ذكر الاغراء نحو: أخاك أخاك بإضمار الزم وشبهه» (¬5) وقال في شرح الكافية (¬6): «التحذير: إلزام المخاطب الاحتراز من مكروه بإيّاك أو ما جرى مجراه (¬7) كقولك: إيّاك والشّرّ [فإن حذّرت مؤنثا أو مثنّى أو مجموعا قلت: إيّاك والشرّ] وإياكما وإيّاكم وإيّاكنّ.
والإغراء: إلزام المخاطب العكوف على ما يحمد العكوف عليه (¬8) من مواصلة ذوى القربى والمحافظة على عهود المعاهدين ونحو ذلك، كقولك: لن تغريه برعاية الخلّة - وهي المودّة - الخلّة [الخلّة] ولمن تغريه بالذّبّ والحميّة: الأهل والولد ومنه قول الشاعر (¬9): -
¬__________
(¬1) انظر شرح الكافية لابن الحاجب (2/ 483).
(¬2) قال سيبويه في الكتاب (1/ 279): «كأنّه قال: إيّاك ثم أضمر بعد إيّاك فعلا آخر فقال: اتّق المراء» وانظر الأعلم بهامش الكتاب (1/ 141)
وفيه: «كأنه قال: إيّاك تجنّب المراء فلا يكون فيه ضرورة على هذا».
(¬3) انظر التذييل والتكميل (خ) جـ 3 ورقة 241، والارتشاف (2/ 281) تحقيق د/ النماس والهمع (1/ 169).
(¬4) قال المؤلف: «أقول إن الذي يظهر أن «والشر» يكون مجرورا عطفا على «نفسك» المجرور بقولك «تلاقي» فلما حذف المضاف ونصب المضاف إليه نصب «والشر» لعطفه عليه حاشية من خطه رحمه الله تعالى.
(¬5) نهاية ما نقله عن شرح التسهيل جـ 2 (ص 161).
(¬6) شرح الكافية الشافية (3/ 1377 - 1379).
(¬7) الهمع (1/ 169).
(¬8) انظر الهمع (1/ 170).
(¬9) هو مسكين الدارمي في ديوانه (ص 29) ولم ينسبه سيبويه وذكر الأعلم (1/ 129) أنه لإبراهيم ابن هرمة وليس كذلك، ونسب في المستقصى (2/ 392) لمسكين أيضا.

الصفحة 3673