كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 7)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لأباعد حذف أحدكم؛ لأنه لا يباعد الإنسان إلّا فعله لا فعل غيره، فليس وأن يحذف معطوفا على «إياي» بخلاف قولنا: إيّاي (والشّرّ) فإن: والشّرّ معطوف على (إيّاي) والناصب لهما فعل واحد، قال ابن عمرون مشيرا إلى هذا - أعني قول الزجاج -: وهذا تطويل لا حاجة إليه لقيام المعنى والإعراب بدونه. وإنما قال ابن عمرون ذلك لأنه قدّر العامل في هذا الكلام: نحّ والزجاج قدّر: لأباعد فاحتاج أن جعل الكلام جملتين لما ذكره.
ونقل ابن عمرون عن ابن خروف أنه أجاز في الفعل المقدّر أن يكون خبرا، التقدير: إيّاي أحذر وحذف أحدكم الأرنب.
ثم المنقول (¬1) أن: إيّاي وأن يحذف أحدكم الأرنب. من كلام عمر رضي الله [تعالى] عنه ينهى عن حذف الأرنب
بالعصا ونحوه؛ لأن ذلك لا يحلّ به الصّيد إذا قتل، وقتل الأرانب بالحذف هو الغالب، قال ابن عمرون: فهذا وإن كان تقديره باعدني عن حذفها وباعد حذفها عنّي فإنّ المراد النهي عن حذفها لا غير، ولو قال:
لا تحذفوا الأرنب لم يكن فيه من المبالغة ما في هذا الكلام انتهى. وهو كلام حسن.
وقول المصنف: وشبهه من المضاف إلى المخاطب بعد قوله: ونفسك أراد به الرأس والرّجل والعين والفم يقال (¬2): رأسك والحائط، ورجلك والحجر، وعينك والنظر إلى ما لا يحلّ، وفمك والحرام.
وقوله: بإضمار متعلق بقوله: ينصب، أي: ينصب تحذّرا كذا وتحذيرا كذا بإضمار ما يليق من كذا ومن كذا، فالنّاصب لضمير المتكلم هو الناصب لضمير المخاطب لكن يختلف التقدير: فمع ضمير المتكلم لا يلزم تقديره مؤخّرا عن المعمول، بل يجوز أن يقدّر مقدّما عليه؛ لأنه عامل محذوف، والعامل إذا حذف انفصل الضمير، نعم من لم يجعل العامل في إيّاي أمرا وجعله خبرا يلزم على قوله أن يقدّر العامل مؤخّرا عن «إيّاي» لما سنذكره في «إيّاك»، وكما أن العامل في ضمير المتكلم يجوز تقديره مؤخّرا ومقدما، هكذا العامل في «نفسك» -
¬__________
(¬1) يبدو أنه من كلام المؤلف وانظر شرح الكافية للرضي (1/ 181).
(¬2) الهمع (1/ 169) والمساعد (2/ 570) تحقيق د/ محمد كامل بركات.

الصفحة 3677