كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 7)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأخواته (¬1) يجوز فيه الأمران.
وأما مع ضمير المخاطب فيجب تقديره مؤخرا عن المعمول، ولا يجوز أن يقدر مقدّما عليه، ويقال إنه لما حذف انفصل الضمير؛ لأنه يلزم من ذلك تعدي الفعل الرافع لضمير الفاعل إلى ضميره المتصل، وذلك لا يجوز إلّا في باب مخصوص (¬2).
قال ابن عمرون: إنّما لزم اضمار العامل لأن هذه الكلم (¬3) صارت بدلا من الفعل (¬4) فإذا قلت: إيّاك والأسد، فـ «إيّاك» ضمير منفصل منصوب بإضمار فعل تقديره: إيّاك نحّ أو إيّاك [باعد] ولزم تقديمه على الفعل؛ لأنه ضمير منفصل لا يتصل بالفعل، ولو أخّر لزم الإتيان بالمتصل فكنت تقول: نحّك ولم تعدّ العرب فعل ضمير الفاعل إلى ضمير المفعول وهما كشيء واحد في غير ظننت وأخواتها وما شبّه بها (¬5) انتهى (¬6).
وقد سلك ابن الحاجب في المسألة مسلكا لم يحوجه إلى تقدير العامل مؤخرا، وهو أنه بعد تمثيله بـ «إيّاك والأسد» و «إيّاك من الأسد» قال (¬7): أصله: نحّك إلا أن الضميرين إذا كانا لشيء واحد وجب إبدال الثاني بالنفس في غير أفعال القلوب (¬8) فصار التقدير: نحّ نفسك ثم حذف الفعل بفاعله، فزال الموجب لتغيير إضمار الثاني فوجب
رجوعه إلى الأصل، إلّا أنه لا يمكن الإتيان به متصلا لعدم -
¬__________
(¬1) يعني بأخواته: الرأس والرّجل والعين والفم.
(¬2) هو باب ظنّ وأخواتها وما شبه بها. وانظر الأشموني (1/ 118: 119) وابن عقيل (1/ 104) وانظر الهمع (1/ 170).
(¬3) أي إياك وأخواته ونفسك وشبهه.
(¬4) انظر شرح الألفية لابن الناظم (ص 607) والأشموني (3/ 188).
(¬5) أورد المؤلف هنا كلام ابن عمرون ليدلل به على أن العامل المحذوف مع ضمير المخاطب يجب تقديره مؤخرا عن المعمول، ولا يجوز تقديره مقدما عليه لأنه إذا قدر مقدما يلزم منه تعدي الفعل الرافع لضمير الفاعل إلى ضميره المتصل وذلك لا يجوز إلا في باب ظننت وأخواتها وما شبه بها. وانظر الهمع (1/ 170).
(¬6) أي: كلام ابن عمرون وقد نبهت على أنه في شرح المفصل له ولم أعثر عليه.
(¬7) انظر الإيضاح شرح المفصل لابن الحاجب (1/ 305) وقد اعترض العلامة الرضى على ابن الحاجب فقال في شرح الكافية (1/ 182) بعد أن ذكر كلامه: «وأرى أن هذا الذي ارتكبه تطويل مستغنى عنه والأولى أن يقال هو بتقدير: إياك باعد أو نحّ بإضمار العامل بعد المفعول».
(¬8) أي: ظن وأخواتها وما شبه بها.

الصفحة 3678