كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 7)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أو تكرير كان الإضمار واجبا نحو قولك: الأسد الأسد. وقال الله تعالى: ناقَةَ اللَّهِ وَسُقْياها (¬1)، وإلّا كان جائزا كقولك: الأسد فيجوز في مثله الإظهار فتقول: احذر الأسد.
ثم أشار المصنف بقوله: ولا يحذف العاطف بعد [إيّا] إلّا والمحذور منصوب بإضمار ناصب آخر أو مجرور بمن. إلى أنه لا يجوز أن تقول: إيّاك الشّرّ، ولا إيّاك الأسد وإن أجازه بعضهم (¬2)، وقد نصّ سيبويه على أن ذلك غير جائز فقال (¬3):
لا يجوز رأسك الجدار حتّى تقول: من الجدار أو والجدار. انتهى.
والعلة في ذلك أن قولك: إيّاك الأسد إن كان عن قولك: إيّاك والأسد فلا يجوز حذف حرف العطف (¬4)، وإن كان عن قولك: إيّاك [4/ 228] من الأسد أو عن الأسد، فحرف الجر لا يحذف في مثل ذلك (¬5).
وإذا كان الأمر كذلك فلا يكون مراد المصنف بقوله: إلا والمحذور منصوب بإضمار ناصب آخر أنّ مثل: إيّاك الأسد، جائز، وأنّه يكون المحذور منصوبا بناصب غير الناصب الذي نصب إيّاك بل مراده: أنّه إن ورد مثل ذلك
كان تخريجه على أن يقدّر له ناصب. وكأنه يشير إلى البيت الذي ذكره النحاة وهو قول الشاعر:
3551 - فإيّاك إيّاك المراء فإنّه ... إلى الشّرّ دعّاء وللشّرّ جالب (¬6)
فيقال: إن المراء منصوب بفعل مقدّر غير ناصب ما قبله، قال الخليل (¬7)
¬__________
(¬1) سورة الشمس: 13، وهو مثال للعطف.
(¬2) انظر الهمع (1/ 169) والأشموني (3/ 189).
(¬3) الكتاب (1/ 279).
(¬4) لأن حذفه أشد من حذف حرف الجر ولم يثبت حذف العاطف إلا نادرا. شرح الرضى (1/ 1983).
(¬5) مذهب الجمهور أنه لا ينقاس حذف حرف الجر مع غير «أنّ» و «أن» بل يقتصر فيه على السماع، وذهب الأخفش الصغير إلى أنه يجوز الحذف مع غيرهما قياسا بشرط تعيّن الحرف ومكان الحذف. وانظر ابن عقيل (2/ 151) وشرح الكافية للرضى (1/ 183).
(¬6) سبق ذكره.
(¬7) في الكتاب (1/ 279) قال سيبويه بعد أن ذكر البيت «إيّاك إيّاك المراء ...» كأنه قال: إيّاك ثم أضمر بعد إياك فعلا آخر فقال: اتّق المراء» وعلى هذا فنسبة هذا الكلام للخليل خطأ من المؤلف لأن هذا كلام سيبويه.

الصفحة 3683