كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 7)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
«حسبك خيرا لك» (¬1) و «وراءك أوسع لك» (¬2) وقوله تعالى: فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ (¬3) وانْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ (¬4) قال سيبويه (¬5): وحذفوا الفعل لكثرة استعمالهم إيّاه في الكلام ولعلم المخاطب أنه محمول على أمر حين قال: ائته فصار بدلا من قوله: ائت خيرا، قال: ونظير ذلك من الكلام قولهم: ائته أمرا قاصدا كأنه قال: ائته وائت أمرا قاصدا إلا أن هذا يجوز لك فيه إظهار الفعل» يعني أن قول من قال: ائته أمرا قاصدا ليس مثل: ائته خيرا لك في كثرة الاستعمال فيلزم إضمار الفعل فيه كما لزم إضمار الفعل في ذلك، وقد غفل الزمخشريّ عن كلام سيبويه فجعل (¬6) انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ و «انته أمرا قاصدا» «سواء» انتهى، وتبع الزمخشريّ في ذلك الجزوليّ، قال الأستاذ أبو علي مشيرا إلى الجزوليّ:
ذكر هذه اللفظة في جملة ما انتصب على إضمار فعل لا يظهر، غلط منه تقدّمه إليه الزمخشريّ، وأظنّه الذي غلّط أبا موسى، لا أعرف من غلط فيه غيرهما، وليس كما قالاه، والذي غلّطهما أن سيبويه ذكر (¬7) هذه اللفظة في هذا الباب ليمثل بها في وجه آخر غير التزام الإضمار لا في التزام الإضمار.
وأما قوله - أعني المصنف: «وربّما قيل: كلاهما وتمرا إلى آخره» فواضح (¬8)، واستفيد من قوله «وربّما» أن الرفع قليل في ما ذكره، قال الشيخ (¬9):
«وقد جاء في بعض المنصوبات المذكورة في هذا الفصل الرفع (¬10) في غير هذه -
¬__________
(¬1) انظر الكتاب (1/ 282).
(¬2) هذا مثل وليس جاريا مجرى المثل. انظر مجمع الأمثال (3/ 439).
(¬3) سورة النساء: 170.
(¬4) سورة النساء: 171.
(¬5) الكتاب (1/ 283، 284).
(¬6) انظر المفصل (ص 49).
(¬7) انظر الكتاب (1/ 284).
(¬8) قال سيبويه في الكتاب (1/ 281): «ومن العرب من يقول: كلاهما وتمرا، كأنه قال: كلاهما لي ثابتان وزدني تمرا». وقال الفراء: «وكلاهما منصوب على لغة من يجعل كلا بالألف في كل حال» انظر المساعد (خ) ورقة (220 / ب).
(¬9) التذييل (خ) ورقة (246 / ب) وقد نقله المؤلف بتصرف.
(¬10) قال سيبويه في الكتاب (1/ 295): «ومنهم من يرفع فيجعل ما يضمره هو ما أظهر».

الصفحة 3698