كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 8)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حروف الحلق الألف (¬1) وهي مجانسة للفتحة فناسب ذلك أن يحرّك بها ما هو والألف من مخرج واحد، أو يحرّك بها متلوّ ما هو كذلك.
فالأول: كسأل يسأل، وذهب يذهب، والثاني: كجبه يجبه (¬2)، وسمح يسمح، فحصل لـ «فعل» نصيب من التوافق لكن بالسبب المذكور (¬3)، فإن لّم يوجد السبب امتنع التوافق إلا في ما شذّ من قولهم: «أبى يأبى» (¬4) و «وذر يذر» (¬5) و [أمّا] ما ألحق بـ «أبى يأبى» كـ «حيا يحيا» و «قلى يقلى» فموجّه (¬6) بأن الأصل: «يحيي» و «يقلي» - بكسر الياء واللام - ففتحتا -
¬__________
- الحروف فقال: «وإنما فتحوا هذه الحروف لأنها سفلت في الحلق فكرهوا أن يتناولوا حركة ما قبلها بحركة ما ارتفع من الحروف، فجعلوا حركتها من الحرف الذي في حيّزها وهو الألف، وإنما الحركات من الألف والياء والواو». الكتاب (2/ 252) وانظر المقتضب (2/ 111)، وابن يعيش (7/ 153، 154).
(¬1) يرى ابن مالك أن الألف من حروف الحلق وهو رأي سيبويه، قال في الكتاب (4/ 433):
«فللحلق منها ثلاثة، فأقصاها مخرجا: الهمزة والهاء والألف» وقال به الرضي في شرح الشافية (1/ 119) ويرى ابن يعيش (7/ 153) أن الألف قريبة من حروف الحلق، وهو الأقرب إلى الصواب.
(¬2) جبه الرّجل يجبهه جبها: ردّه عن حاجته واستقبله بما يكره. اللسان (جبه).
(¬3) وهو كون العين أو اللام حرف حلق.
(¬4) وجه الشذوذ في هذا المثال كما يرى ابن مالك وغيره: أن عين المضارع ليست من حروف الحلق وإنما جاءت فاؤه حرفا من حروف الحلق، وإذا كان الحلق فاء لم يلزم الفتح في المضارع لسكون حرف الحلق فيه والساكن لا يوجب فتح ما بعده لضعفه بالسكون، وقد شبه سيبويه أبى يأبى بقرأ يقرأ. قال في الكتاب (2/ 254): «وقالوا أبى يأبى فشبهوه بيقرأ» وقال السيرافي في شرح ذلك: «يدل كلام سيبويه على أنه ذهب في أبى يأبى إلى أنهم فتحوا من أجل تشبيه ما الهمزة فيه أولى بما الهمزة فيه أخيرة».
السيرافي بهامش الكتاب (2/ 254)، وقد نقل أبو حيان في التذييل والتكميل (6/ 22) (رسالة) أن ابن سيده حكى في المحكم «أن ما قالوا في ماضيه أبي فيأبى على لغتهم جار على القياس كنسي ينسى» وانظر المحكم والمحيط الأعظم لابن سيده (خ) (ص 842، 843)، وقال ابن
جني: «وقد قالوا: أبى يأبي. أنشد أبو زيد:
يا إبلي ما ذامه فتأبيه ... ماء رواء ونصيّ حوليه
اللسان (أبي)، ومن كلام ابن سيده وابن جني يفهم أن أبى يأبى من تداخل اللغات وهو ما أميل إليه، وانظر المقتضب (2/ 112) وابن يعيش (7/ 154) وشرح الشافية (1/ 119) والتذييل (6/ 24) (رسالة) واللسان (أبي) وحاشية الصبان (4/ 240: 241).
(¬5) سيأتي أنه محمول على يدع لأنه بمعناه وانظر شرح الشافية (1/ 131).
(¬6) في الكتاب (4/ 105) قال سيبويه: «وقالوا: جبى يجبى وقلى يقلى فشبهوه بقرأ يقرأ ونحوه» -