كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 8)

[أسباب صرف ما لا ينصرف وحكم منع المصروف]
قال ابن مالك: (فصل: يصرف ما لا ينصرف للتّناسب أو للضّرورة، وإن كان أفعل تفضيل خلافا لمن استثناه ويمنع صرف المنصرف اضطرارا خلافا لأكثر البصريين، لا اختيارا خلافا لقوم، وزعم قوم أنّ صرف ما لا ينصرف مطلقا لغة، والأعرف قصر ذلك على نحو سلاسل وقوارير).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بها، فهذه يكمل فيها بالتصغير سبب المنع (¬1).
والثاني: هو الذي مثل له في الشرح أيضا بنحو: هند؛ لأن في هذا الاسم مكبرا وجهين: وإذا صغر وجبت التاء فتحتم المنع من الصرف حينئذ (¬2).
قال ناظر الجيش: من المعلوم أن الصرف هو الأصل في الأسماء، ولا شك أن ما كان فيه رجوع إلى الأصل أقرب وأولى مما يكون فيه خروج عن الأصل، فلذلك أجمعوا على جواز صرف ما لا ينصرف لتناسب أو ضرورة (¬3)، واختلفوا في منع المنصرف للضرورة كما سيذكر ذلك.
فأما الصرف للتناسب فيكفي وإثباته وروده في كتاب الله تعالى، فمن ذلك قراءة (¬4) نافع والكسائي سلاسل (¬5) وقواريرا (¬6)، ومنه قراءة الأعمش (¬7) -
¬__________
(¬1) فمنعت الصرف للعلمية ووزن الفعل لأنها بعد التصغير صارت على وزن مضارع بيطر.
(¬2) انظر التذييل (6/ 449).
(¬3) في قوله: أجمعوا على جواز صرف ما لا ينصرف لتناسب أو ضرورة نظر؛ لأن الإجماع على صرف ما لا ينصرف في الضرورة فقط انظر الإنصاف (ص 493) مسألة «70» أما الصرف للتناسب فليس هناك إجماع عليه مع جوازه لثبوت وروده في كتاب الله؛ ولذلك قال الشيخ أبو حيان في التذييل (6/ 450) وأكثر النحويين لا يذكرون أن ما لا ينصرف قد يصرف للتناسب، والفرق بين التناسب والضرورة: أن التناسب جائز والضرورة واجبة. انظر شرح الألفية للأبناسي (2/ 254).
(¬4) انظر في هذه القراءة الكشف (2/ 352) وحجة القراءات لابن زنجلة (ص 738) والحجة لابن خالويه (ص 358: 359).
(¬5) من قوله تعالى: إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالًا وَسَعِيراً من الآية 4 من سورة الإنسان.
(¬6) من قوله تعالى: كانَتْ قَوارِيرَا قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً من الآية 15 والآية 16 من سورة الإنسان. انظر في هذه القراءة مختصر شواذ القرآن لابن خالويه (ص 162) والإتحاف (ص 429)، والبحر المحيط (8/ 342).
(¬7) الأعمش: سليمان بن مهران، تابعي أخذ القراءة عن إبراهيم النخعي وزر بن حبيش وروى عنه حمزة، وابن أبي ليلى، توفي سنة (148 هـ).
انظر ترجمته في طبقات القراء (1/ 315).

الصفحة 4079