كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 8)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقد ردّ ذلك لأن في صرفه فائدة وذلك أن الكلمة التي في آخرها ألف كـ «سكرى» إذا نونت فجاء بعدها ساكن؛ واضطر المتكلم إلى النطق بذلك كسر التنوين لالتقاء الساكنين، ولا سيما المحتاج إلى ذلك لإقامة الوزن، فكما يقال:
مررت بفتى انطلق، يقال: مررت بسكرى انطلقت، فيكسر التنوين ويقام الوزن بذلك، ولا شك أن ذلك لا يتأتى مع الألف (¬1).
وأما منع صرف المستحق الصرف للضرورة ففيه الخلاف كما ذكرنا أجازه الكوفيون، والأخفش وأبو علي (¬2).
قال المصنف (¬3): وبقولهم أقول لكثرة استعمال العرب ذلك كقول الكميت:
3754 - سيوف لا تزال طلال قوم ... تهتكن البيوت [وتنثنينا]
يرى الرّاءون بالشّفرات منها ... وقود أبي حباحب والظّبينا (¬4)
ومثله قول الأخطل:
3755 - طلب الأزارق بالكتائب إذ هوت ... بشبيب غائلة النّفوس غدور (¬5)
-
¬__________
(¬1) انظر التذييل (6/ 452).
(¬2) انظر شرح الكافية الشافية (3/ 1509) وزاد ابن يعيش (1/ 168) ابن برهان، ابن الانباري، وانظر التذييل (6/ 453)، وشرح الألفية للأبناسي (2/ 258) ديوان النابغة (ص 42).
(¬3) انظر شرح الكافية الشافية (3/ 1509، 1510).
(¬4) هذان البيتان من الوافر وقائلهما الكميت من زيد في ديوانه (2/ 126).
الشرح: قوله: طلال: يروى في مكانها خلال ذكرها العيني، وقوله: بالشفرات: جمع شفرة السيف وهي حدة، قوله: وقود أبي حباحب: ويروى: كنار أبي حباحب. والوقود: بضم الواو: الإيقاد، وبالفتح:
الحطب، والأول هو المراد، والظبينا: بضم الظاء وكسر الباء جمع ظبة وهي طرف النصل. والمعنى: أن سيوفهم مذكرات توقد النار عند الضرب بها من جميع الجهات، والشاهد في قوله: «أبي حباحب» حيث منع صرفه للضرورة. والبيت الأول ذكره العيني (4/ 361) عرضا والثاني في أمالي الشجري (2/ 58)، والتذييل (6/ 454)، وشرح الألفية للأبناسي، واللسان (حجب).
(¬5) هذا البيت من الكامل قاله الأخطل (ديوانه ص 76) من قصيدة يذكر فيها ما جرى بين سفيان ابن الأبرد نائب الحجاج زوج ابنته، وبين شبيب بن يزيد رأس الخوارج الأزارقة الذي كان ادعى الخلافة وتسمى بأمير المؤمنين، وكانت زوجته غزالة أيضا خارجة وكانت شديدة البأس، وكان الحجاج مع هيبته يخاف منها. الشرح: الأزارق: أصله: الأزارقة بالهاء فحذفها للضرورة، والكتائب: جمع كتيبة وهي الجيش، وإذ: ظرف بمعنى حين، وهوت: من هوى به الأمر إذا أطعمه وغرّه وغائلة النفوس: شرها، -