كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 8)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الكلام على ذلك.
ثم قال المصنف: والأعرف قصر ذلك على نحو سلاسل وقوارير ومراده بذلك:
أن صرف ما لا ينصرف لا يجوز في الكلام إلا للتناسب كما في «سلاسل» و «قوارير»، وإذا لم يكن تناسب كان ذلك مقصورا على الضرورة، هكذا يظهر لي من هذا الكلام.
لكن الشيخ حمل كلامه على ما هو أعم من ذلك فإنه قال (¬1): إن المصنف يعني بذلك أن الأعرف أن يكون الصرف مخصوصا بالجمع المتناهى، قال: وقال الأخفش: إن بعض العرب وإنه سمع ذلك منهم، قال: وذكر الأخفش أن السبب في كون ذلك للجمع المذكور أن العرب يجمعونه جمع سلامة نحو قول بعضهم:
صواحبات، وقال الفرزدق:
3761 - وإذا الرّجال رأوا يزيد رأيتهم ... خضع الرّقاب نواكس الأبصار (¬2)
قال: فأشبه هذا الجمع عندهم الآحاد فصرفوه انتهى.
وأقول: قد ذكر ابن أبي الربيع نحوا من هذا المنقول عن الأخفش لكنه لم ينسبه إليه، فإنه لما ذكر أن نحو «مساجد» ممنوع الصرف لأن فيه علتين: الجمع وعدم النظير في الآحاد فصار بذلك جمعا في اللفظ والمعنى، قال: فيجب على هذا أن من جمع هذا الجمع بالألف والتاء فقال: صواحبات أن يصرفه كما يصرف أكلبا وأجمالا، وقد وجد الصرف في هذا الجمع أكثر مما وجد فيما فيه علتان، قال الله تعالى: إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالًا وَسَعِيراً (¬3)، وقال تعالى: قَوارِيرَا قَوارِيرَا (¬4)، وكان الأستاذ أبو علي يقول: إن أبا علي كان يذهب في هذا وما -
¬__________
(¬1) انظر التذييل (6/ 456: 457) وقد نقله بتصرف.
(¬2) هذا البيت من الكامل قاله الفرزدق من قصيدة يمدح بها آل المهلب بن أبي صفرة وخص من بينهم ابنه، الشرح: الخضع: جمع أخضع وهو الذليل الذي قد نكس رأسه. والنواكس: التي تنظر إلى الأرض من الخوف والذلة، والشاهد فيه: جمع «ناكس» صفة العاقل على «نواكس». والبيت في الكتاب (3/ 633) والمقتضب (1/ 259)، وابن يعيش (5/ 56) والخزانة (1/ 99) وشرح شواهد الشافية (142)، وابن السيرافي (2/ 317). وديوان الفرزدق (ص 476).
(¬3) سورة الإنسان: 4.
(¬4) سورة الإنسان: 15، 16.