كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 8)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عليها في نحو قوله تعالى: لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ (¬1) أنها مصدرية؛ لأن حرف الجر لا يدخل على حرف إلا أن يكون مصدريّا، فلزم من ذلك جعل «كي» على ضربين: فالمقترنة بـ «اللام» مصدرية، والداخلة على «ما» في قولهم: كيمه؟ جارة، وكذا التي في قوله:
3790 - يراد الفتى كيما يضرّ وينفع
والداخلة على الفعل مجردة من «اللام» محتملة للأمرين، ولا تظهر «أن» بعدها إلا في الضرورة كقوله:
3791 - فقالت: أكلّ النّاس أصبحت مانحا ... لسانك كيما أن تغرّ وتخدعا (¬2)
والأظهر في «كي» هذه أن تكون بمعنى «اللام».
وأما قول الآخر:
3792 - أردت لكيما أن تطير بقربتي ... فتتركها شنّا ببيداء بلقع (¬3)
فيحتمل أن تكون «كي» فيه بمعنى «أن» وشذ اجتماعهما على سبيل التوكيد، ويحتمل أن تكون جارة وشذ اجتماعها مع «اللام» كما في قول الآخر: -
¬__________
(¬1) سورة الأحزاب: 37.
(¬2) هذا البيت من الطويل.
الشرح: قوله: «أكل الناس» الهمزة للاستفهام، «وكل الناس» منصوب بـ «مانحا» من المنح وهو العطاء، و «مانحا» خبر «أصبحت»، و «لسانك»: مفعول ثان له، و «تغر وتخدع»: من قبيل واحد، والشاهد في قوله: «كيما أن» حيث جمع فيه بين «كي» و «أن» ولا يجوز ذلك
إلا في الضرورة. والبيت في المفصل (ص 325)، وابن يعيش (9/ 14، 16)، والعيني (3/ 244)، (4/ 379)، والخزانة (3/ 584).
(¬3) هذا البيت من الطويل لقائل مجهول.
الشرح: قوله: تطير: يقال طار به: إذا ذهب سريعا، وتتركها: بالنصب عطفا على «أن تطير»، وشنّا: حال وهو القربة البالية، وانتصابه بتأويل: مشتنّا من الشنن وهو اليبس في الجلد، والبيداء:
المفازة، وبلقع: الذي لا شيء فيه.
والشاهد في «لكيما أن تطير» حيث يجوز فيه الوجهان: أحدهما: أن تكون تعليلية مؤكدة لـ «اللام»، والآخر: أن تكون مصدرية مؤكد بـ «أن» زائدة غير عاملة؛ لأن «كيما» تنصب الفعل بنفسها ولا يجوز إدخال ناصب على ناصب. وانظر البيت في الإنصاف (ص 580)، وابن يعيش (7/ 17)، (9/ 16)، والعيني (4/ 404) والخزانة (3/ 585).

الصفحة 4143