كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 8)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عيسى بن عمر (¬1) أن ناسا يقولون: إذن أكرمك - بالرفع - وإليه الإشارة بقوله:
(غالبا)، فلو وقعت بين «واو» العطف و «فائه» وبين الفعل المستقبل كنت فيها بالخيار؛ إن شئت أعملتها وشاهده قول سيبويه (¬2): وبلغنا أن هذا الحرف في بعض المصاحف (وإذا لا يلبثوا خلفك إلّا قليلا)، وقرأ بعضهم (¬3): (فإذا لا يؤتوا النّاس نقيرا)، وإن شئت ألغيتها وهو الأكثر وبه قرأ القرّاء (¬4).
وإن وقعت بين شرط وجزاء، أو بين مخبر عنه وخبره أو منصوب وناصبه ألغيت، نحو: إن تأتني إذن آتك وأنا
إذن اكرمك، وزيدا إذن أضرب، كما تلغى «رأى» و «حسب» إذا توسطت الكلام، وربما نصب بها بين مخبر عنه وخبره كقول الراجز أنشده ابن كيسان:
3816 - لا تتركنّي فيهم شطيرا ... إنّي إذن أهلك أو أطيرا (¬5)
ولو كان الفعل الذي بعدها حالا ألغيت كقولك لمن قال: أحبّك: إذن أصدقك، بالرفع؛ لأنه موضع لا يعمل فيه أخوات «إذن» فلم تعمل هي فيه.
وكذلك لو كان منفصلا بغير قسم كقولك: إذن زيد يكرمك، وإذن طعامك تأكل، وإذن فيك أرغب؛ فليس في هذا ونحوه إلا الرفع لوجود الفصل، وأجاز ابن عصفور (¬6) نصب المضارع بـ «إذن» مع الفصل بالظرف وشبهه، وبالقسم ولم يجز مثل ذلك في غير «إذن» إلا في الضرورة كقوله:
3817 - لن ما رأيت أبا يزيد مقاتلا ... أدع القتال وأشهد الهيجاء (¬7)
وأجاز الكسائي (¬8) الفصل بالظرف وغيره بين الفعل وناصبه نحو: جئت كي زيدا تضرب، وأنشد: -
¬__________
(¬1) انظر: الكتاب (3/ 16).
(¬2) انظر: الكتاب (3/ 13).
(¬3) هي قراءة عبد الله بن مسعود. انظر: مختصر شواذ القرآن (ص 27)، وقرأ بها أيضا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما. انظر: البحر المحيط (3/ 273).
(¬4) هي قراءة السبعة.
(¬5) تقدم.
(¬6) انظر: شرح التصريح (2/ 235) وأضاف في الهمع (2/ 7) الأبذي.
(¬7) تقدم.
(¬8) انظر: خزانة الأدب للبغدادي (3/ 564).

الصفحة 4160