كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 8)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يجمعوا بين «اللام» و «أن» في اللفظ، ويدلك على المقابلة أنه لا يجوز: ما كان زيد سيقوم، ولا: سوف يقوم؛ استغناء بقولهم: ليقوم.
وفي الشرح المذكور أيضا: وسأل محمد بن الوليد (¬1) ابن أبي مسهر (¬2) - وكانا قد قرآ كتاب سيبويه على المبرد - فقال له: لم أجاز سيبويه إظهار «أن» مع لام «كي» ولم يجز ذلك مع لام النفي؟ فلم يجب بشيء. انتهى.
وإذ قد عرف هذا فلنذكر أمورا تتعين الإشارة إليها:
منها: أنهم ذكروا أن النفي في هذه المسألة - أعني نفي الكون - إنما يكون بـ «ما» أو بـ «لم» ولا يكون بـ «إن» ولا بـ «لا» ولا بـ «لما» ولا بـ «لن» (¬3).
ومنها: أن بعضهم (¬4) ذهب إلى أن أخوات «كان» تجري مجرى «كان» في ما ذكر قياسا فيقال: ما أصبح زيد ليضرب عمرا، ولم يصبح زيد ليذهب، وذهب بعضهم (¬5) إلى جواز ذلك في «ظننت» أيضا نحو: ما ظننت زيدا ليضرب عمرا، ولم أظنّ زيدا ليضرب عمرا، وهذا كله غير مقبول إذ لم يرد منه شيء في كلام العرب.
ومنها: أنهم ذكروا أنه لا يجوز في نفي «كان زيد سيفعل» أن يقال: ما كان زيد يفعل، فيسقط اللام (¬6).
ومنها: أنهم اختلفوا في خبر «كان» ما هو في مثل هذا التركيب؟
فالبصريون (¬7) يرون أنه محذوف وهو الذي تتعلق به «اللام» فالنفي واقع على الخبر المحذوف ويلزم من انتفائه انتفاء متعلقه، فالتقدير في وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ (¬8): وما كان الله مريدا لإضاعة إيمانكم، ويكون خبر «كان» قد التزم -
¬__________
(¬1) هو: محمد بن الوليد التميمي النحوي أبو الحسن واشتهر بابن ولاد، وأخذ عن المبرد وثعلب، توفي سنة (298 هـ) بمصر وقد بلغ الخمسين. وانظر ترجمته في بغية الوعاة (1/ 259).
(¬2) هو: محمد بن أحمد بن مروان بن سيرة أبو مسهر النحوي، له الجامع في النحو والمختصر وأخبار أبي عيينة. انظر: بغية الوعاة (1/ 47).
(¬3) انظر: الهمع (2/ 8)، والأشموني (3/ 294).
(¬4) انظر: الهمع (2/ 8).
(¬5) انظر: الهمع (2/ 8).
(¬6) هذا ظاهر مذهب سيبويه، انظر: الكتاب (3/ 7).
(¬7) انظر: التبيان للعكبري (ص 124)، والهمع (2/ 8)، والأشموني (3/ 292، 293).
(¬8) سورة البقرة: 143.