كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 8)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وإما على الاستئناف كما قال (¬1):
3859 - غير أنّا لم تأتنا بيقين ... فنرجّي ونكثر التّأميلا (¬2)
كأنه قال: فنحن نرجي أبدا (¬3).
واعلم أن شرط النصب بعد النفي: أن يكون داخلا على الفعل المعطوف عليه إما خاليا عما يزيل معناه وهو النفي المحض كما تقول: ما تأتيني فتحدثني، ونحوه مما تقدم ذكره، وإما معه ما يزيل معناه وينقل الكلام على الإثبات وهو النفي المؤول، وذلك ما قبله استفهام أو بعده استثناء.
فالأول: كقولك: ألم تأتنا فتحدثنا (¬4) فتنصب على: ألم تأتنا محدثا؟ قال الشاعر:
3860 - ألم تسأل فتخبرك الرّسوم ... على [فرتاج] (¬5) والطّلل القديم (¬6)
وكل موضع يدخل فيه الاستفهام على النفي فنصبه جائز على هذا المعنى، ولك فيه الجزم (¬7) بالعطف على معنى: ألم تأتنا فلم تحدثنا؟ والرفع على الاستفهام وإضمار مبتدأ كما قال:
3861 - ألم تسأل الرّبع القواء فينطق ... وهل يخبرنك اليوم بيداء سملق (¬8)
-
¬__________
(¬1) أنشده سيبويه في الكتاب (3/ 31) قائلا: «ومثل ذلك قول بعض الحارثيين»، وقال البغدادي:
«إنه من شواهد سيبويه التي لم يعرف لها قائل».
(¬2) هذا البيت من الخفيف. والشاهد في قوله: «فنرجي» حيث رفع ما بعد الفاء على القطع والاستئناف أي: فنحن نرجي، وانظر البيت في الكتاب (3/ 31، 33) والمفصل (ص 249)، وابن يعيش (7/ 36، 37) والمقرب (1/ 265) وشرح الكافية للرضي (2/ 247).
(¬3) انظر: الكتاب (3/ 31).
(¬4) انظر: الكتاب (3/ 34).
(¬5) ساقطة من (جـ)، (أ) وتركت مساحتها بيضاء في (أ).
(¬6) هذا البيت من الوافر، قالوا: إنه من أبيات سيبويه الخمسين المجهولة القائل، وقد نسبه ابن السيرافي (2/ 149) للبرج بن مسهر.
وفرتاج: موضع في بلاد طيئ، والرسوم: جمع رسم وهو ما لم يكن له شخص قائم في الدار، والطلل ما شخص من الدار، أي: لو سألت لخبرتك الرسوم عن أهلها وليس المراد أنها تخبر بالقول وإنما يريد أن الآثار التي تراها في الرسم تدل على ذهاب الذين كانوا فيه فكأنها تخبره بالقول.
والشاهد فيه: أنه نصب «فتخبرك» على جواب الاستفهام والبيت في الكتاب (3/ 34)، والرد على النحاة لابن مضاء (ص 117)، والتذييل (6/ 618)، واللسان «فرتج».
(¬7) انظر: الكتاب (3/ 34، 35).
(¬8) هذا البيت من الطويل وهو لجميل بن معمر، ديوانه (ص 91).