كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 8)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا (¬1)، وقال الشاعر:
3880 - هل تعرفون لباناتي فأرجو أن ... تقضى فيرتدّ بعض الرّوح للجسد (¬2)
فإذا قلت: أيقوم زيد فأكرمه؟ فالرفع على الاستئناف أو العطف، والنصب على الجواب، وإذا تقدم اسم غير استفهام وأخبر عنه بغير مشتق نحو: هل أخوك زيد فأكرمه؟ فالرفع ولا ينصب، فإن تقدمه ظرف أو مجرور نحو: أفي الدار زيد فأكرمه؟ جاز النصب؛ لأن المجرور ناب مناب الفعل.
وأما الاسم فنحو ما ورد في الحديث الشريف: «من يدعوني فأستجيب له؟» (¬3)، وقولك: أين بيتك فأزورك؟ ومتى تسير فأرافقك؟ وكيف تكون فأصحبك؟ ويقدر حينئذ مصدر ما تتضمنه الجملة، ففي مثل: أين بيتك فأزورك؟
يقدر: ليكن منك تعريف ببيتك فزيارة مني، وكذا يقدر في: متى تسير؟: ليكن منك تعريف بسيرك فمرافقة مني، لأن معنى أين بيتك؟ عرفني [بمكان] بيتك.
ومعنى متى تسير؟: عرفني بوقت (¬4) سيرك. انتهى.
ولم يظهر لي منع النصب في نحو: هل أخوك زيد فأكرمه؟ فقد يقال: إذا نصب الجواب يقدر من الجملة السابقة مصدر يعطيه قوة الكلام كما يقدر ذلك في الجملة المصدرة باسم الاستفهام فيقدر هل أخوك زيد فأكرمه؟ بقولنا: ليكن منك تعريف بإخوتك زيدا فإكرام منا، كما لو قيل: من أخوك فنكرمه؟ إذ تقديره:
ليكن منك تعريف بإخوتك زيدا (¬5) فإكرام منا.
ثم لك أن تقول: إنما يشترط تقدير المصدر في ما قبل إذا كان المذكور قبل «الفاء» أو «الواو» فعلا نحو: هل تزورني فأزورك؟ أو أزورك؟
أما إذا كان المذكور قبل اسما فإن المصدر لا يقدر حينئذ للاستغناء عن تقديره بوجود اسم صريح قبل العاطف، ويدل على صحة ذلك إجماعهم على صحة -
¬__________
(¬1) سورة الأعراف: 53.
(¬2) تقدم.
(¬3) هذا جزء من حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رواه البخاري عن أبي هريرة في باب «التهجد بالليل».
انظر البخاري بشرح السندي (1/ 200)، وانظر: صحيح مسلم (1/ 522).
(¬4) في (جـ)، (أ): وقت، وما أثبته من التذييل.
(¬5) هكذا في النسختين، ولعله زائد؛ لأنه لم يجر له ذكر في الجملة المقدرة.

الصفحة 4227