كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 8)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
سيبويه: فإذا انقضى الكلام ثم جئت بـ «ثمّ» فإن شئت جزمت وإن شئت رفعت، وكذلك «الواو» و «الفاء»، إلا أنه يجوز النصب بالفاء والواو، وبلغنا أن بعضهم قرأ (¬1): (يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشآء ويعذّب من يشآء).
وروي بالأوجه الثلاثة «ونأخذ» من قول الشاعر:
3896 - فإن يهلك أبو قابوس يهلك ... ربيع النّاس والبلد الحرام
ونأخذ بعده بذناب عيش ... أجبّ الظّهر ليس له سنام (¬2)
وجاز النصب بعد «الفاء» و «الواو» إثر الجزاء؛ لأن مضمونه لم يتحقق وقوعه فأشبه الواقع بعده الواقع بعد الاستفهام.
قال: وأنشد الفراء في كتاب «المعاني» (¬3):
3897 - فإن يهلك النّعمان تعر مطيّه ... وتخبأ في جوف العياب قطوعها
وتنحط حصان آخر اللّيل نحطة ... تقضّب منها أو تكاد ضلوعها (¬4)
فنصب «تخبأ» وجزم «تنحط». -
¬__________
(¬1) هي قراءة ابن عباس والأعرج وأبي حيوة. انظر: الإتحاف (ص 167)، والبحر المحيط (2/ 360).
(¬2) هذان البيتان من الوافر وهما للنابغة الذبياني، ديوانه (ص 105).
الشرح: قوله: أبو قابوس: هو كنية النعمان، وقابوس معرب كاووس كطاووس: اسم أحد ملوك الفرس، وقوله: ربيع الناس والبلد الحرام: يريد أنه كان كالربيع في الخصب لمجتديه، وكالشهر الحرام لجاره أي لا يوصل إلى من أجاره كما لا يوصل في الشهر الحرام إلى أحد، وقوله بذناب عيش: ذناب كل شيء - بكسر الذال - عقبه وما يأتي في أواخره، وأجب الظهر: مقطوع الظهر كأنه جمل قطع سنامه، ويقال: بعير أجب وناقة جباء: إذا كان قد قطع سنامها، والسنام: حدبة البعير.
والشاهد: في «ونأخذ» فإنه يجوز فيه الرفع على الاستئناف، والنصب بتقدير «أن» والجزم بالعطف على «يهلك»، ويروى «ونمسك بعده» وهي رواية الديوان، والبيتان في معاني الفراء (3/ 24)، والأشموني (4/ 24)، والكتاب (1/ 196) (هارون)، والمقتضب (2/ 179)، والإنصاف (ص 134)، وابن يعيش (3/ 579)، والخزانة (4/ 95).
(¬3) انظر: معاني القرآن (1/ 87).
(¬4) هذان البيتان من الطويل قالهما النابغة الذبياني، ديوانه (ص 107) من قصيدة يمدح بها النعمان بن الحارث الأصغر الغساني، وكان قد خرج إلى بعض متنزهاته.
الشرح: العياب: جمع عيبة وهو ما يوضع فيه الثياب، والقطوع: أداة الرحل وهو جمع قطع كالطنفسة ونحوها، يقول: إن هلك النعمان ترك كل وافد الرحلة ولم يستعمل مطيته وخبأ في جوف العياب الطنفسة -

الصفحة 4245