كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 8)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والجواب: أن الفصل بين الحرف الناصب ومنصوبه قد ثبت في الضرورة، ولم يثبت أن «أن» تكون حرف شرط، والخليل هو الذي حكم بأنها الناصبة للفعل (¬1) وكفى بذلك.
وتناول المبرد (¬2) ذلك في البيت على أنها المخففة من الثقيلة والتقدير: أتغضب من أجل أنه أذنا قتيبة حزتا؟ ثم حذف الجار ومجروره وخففت «أنّ».
وأما قوله: إنها لا تفيد نفيا خلافا لبعضهم فقال الشيخ (¬3): ذكر أبو محمد بن السيد عن أبي الحسن الهروي (¬4) أن «أن» تكون بمعنى «لا» في مذهب بعض النحويين كقوله تعالى: قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ (¬5) قالوا: معناه: لا يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، وقال آخرون: المعنى: ولا تؤمنوا بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم إلا لمن تبع دينكم، قالوا: وقوله تعالى: قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ اعتراض بين الفعل والمفعول (¬6).
وقال الشيخ (¬7): وقد ترك المصنف ذكر معاني أخر لـ «أن»:
منها: أن تكون بمعنى: إذ، كقوله تعالى: بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ (¬8)، وكقوله تعالى: أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ (¬9)، قال: وهذا ليس بشيء، بل «أن» في الآيتين مصدرية، والتقدير: بل عجبوا لأن جاءهم منذر منهم، وكذلك:
يخرجون الرسول وإياكم لأن تؤمنوا بالله ربكم.
ومنها: أن تكون بمعنى: لئلا، كقولك: ربطت الفرس أن ينفلت، وكقوله تعالى: يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا (¬10)، وقال عمرو بن كلثوم (¬11): -
¬__________
(¬1) انظر: الكتاب (3/ 161)، والتذييل (6/ 702).
(¬2) انظر: التذييل (6/ 702)، والمغني (27)، وقد بحثت في المقتضب والكامل للمبرد فلم أعثر على البيت ولا تعليق المبرد عليه.
(¬3) انظر: التذييل (6/ 702) وقد نقله بتصرف.
(¬4) هو علي بن محمد أبو الحسن الهروي، عالم باللغة والنحو، من أهل هراة، سكن مصر وقرأ على الأزهري له الأزهرية في علم الحروف توفي سنة (415 هـ). انظر: ترجمته في بغية الوعاة (2/ 205).
(¬5) سورة آل عمران: 73.
(¬6) قال أبو حيان بعد هذا الكلام: «انتهى ما نقله أبو محمد بن السيد عن الهروي» وانظر: الأزهرية في علم الحروف للهروي (ص 29).
(¬7) انظر: التذييل (6/ 703 - 706).
(¬8) سورة ق: 2.
(¬9) سورة الممتحنة: 1.
(¬10) سورة النساء: 176.
(¬11) هو عمرو بن كلثوم بن مالك من بني تغلب، شاعر جاهلي، كان من أعز الناس نفسا، أشهر -

الصفحة 4273