كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 9)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لأنه لو أراد الأمر لقال: فليدن مني، وإنما أراد عطف «يدنو» على «لا يزعم» وحذف «الواو» من «يدنو» لدلالة الضمة عليها كما قال:
3947 - فيا ليت الأطبّا كان حولي (¬1)
فحذف «واو» الضمير اكتفاء بالضمة، وأما «تنهه» فمجزوم لأنه جواب «من» (¬2).
ولا يجوز في غير الشعر حذف لام الأمر خلافا للكسائي (¬3)، قال ثعلب (¬4):
قال الكسائي في قوله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا (¬5): هو ليغفروا فأسقط «اللام» وترك «يغفروا» مجزوما قلت: والوجه أن يكون مجزوما بجواب الأمر (¬6) على معنى: إن يقل لهم اغفروا يغفروا، والغالب في أمر الفاعل المخاطب خلوّه من «اللام» ومن حرف المضارعة، وقد لا يخلو منهما كقراءة عثمان وأنس وأبيّ (فبذلك فلتفرحوا)، وكقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لتأخذوا مصافّكم» وهو قليل، والكثير المعروف في كلامهم مجيء أمر الفاعل المخاطب مجردا من «اللام» ومن حرف المضارعة مجعولا آخره كآخر المجزوم، فإن لم يتصل به ألف اثنين أو واو جمع أو ياء مخاطبة فإن كان صحيحا فهو ساكن الآخر نحو: اذهب واضرب واخرج، وإن كان معتلّا فهو محذوف [5/ 145] الآخر نحو: اخش وارم واغز، وإن اتصل به ألف اثنين أو واو جمع أو ياء مخاطبة ثبتت في آخره بغير نون نحو: اضربا، واضربوا، واضربي، وليس ذلك جزما بل بناء؛ لأن دلالة «اضرب» ونحوه على الأمر إما بإضمار اللام وهو مضارع محذوف منه حرف المضارعة، وإما بتضمن معناها وهو مثال مأخوذ من لفظ المصدر للدلالة على الحدث والنسبة تفيد الطلب، لا جائز أن يكون بالإضمار لما فيه من كثرة الحذف لغير موجب فتعيّن أن يكون -
¬__________
(¬1) سبق شرحه.
(¬2) هذا الكلام ذكره ابن مالك في شرح الكافية الشافية.
(¬3) انظر المغني (ص 225)، والهمع (2/ 55).
(¬4) أخذ بهذا الرأي العلامة ابن مالك في شرح الكافية الشافية. انظر ما نقله عنه المؤلف قبل، وانظر البيان للأنباري (2/ 59).
(¬5) سورة الجاثية: 14.
(¬6) انظر: معاني الفراء (1/ 77)، (3/ 45 - 46)، وأمالي الشجري (2/ 192)، والبيان للأنباري (2/ 59، 365).

الصفحة 4308