كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 9)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بالتضمين، وإذا كانت دلالة «اضرب» ونحوه على الأمر بتضمن معنى «اللام» وجب الحكم عليه بالبناء لوجهين:
أحدهما: عدم وجود علة الإعراب فيه وهو شبه الاسم، فإن المضارع إنما أعرب لشبهه بالاسم إما لجواز قبوله بصيغة واحدة معاني مختلفة وإما في احتمال الإبهام والتخصيص وقبول لام الابتداء، والجريان على حركات اسم الفاعل وسكناته، وذلك وشبهه مفقود من فعل الأمر فوجب أن يكون مبنيّا كالماضي.
الثاني: أن فعل الأمر لو كان معربا لكان مجزوما، لأنه أبدا ساكن الآخر أو محذوفه، ولو كان مجزوما لكان الجازم له إما اللام وإما غيرها، لا جائز أن يكون مجزوما باللام لأن المتضمن يمنع من إظهار مثله؛ لأنه لا فائدة فيه، ولا يصح أن تعمل متضمنة كما لا يعمل الشيء في نفسه، ولا جائز أن يكون مجزوما بغيرها لاستحالة تقديره فتعيّن الحكم عليه بالبناء.
وذهب الكوفيون (¬1) إلى أن فعل الأمر مجزوم بلام محذوفة وهو مضارع حذف منه حرف المضارعة؛ لأنه لو لم يكن كذلك لما كان لوجوب حذف آخر المعتل منه وجه، وهو ضعيف لجواز أن يكون الوجه في حذف آخر المعتل من الأمر هو طلب التخفيف استثقالا بحرف العلة المتطرف الساكن، ثم التزموا حذفه كما أجازوا حذف المتحصن بالحركة المقدرة كقراءة من قرأ (¬2) يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه (¬3) وذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ (¬4)، ولو لم يكن لحذف آخر فعل الأمر المعتل وجه من المناسبة والاستحسان لكان دعواه أيسر من دعوى حذف لام الأمر وحرف المضارعة. والمشهور عن الأخفش (¬5) موافقة سيبويه في الحكم على فعل -
¬__________
(¬1) انظر: الإنصاف (ص 524) وما بعدها المسألة رقم «72».
(¬2) في النشر (2/ 292): «أثبتها - أي الياء - وصلا المدنيان وأبو عمرو والكسائي، وأثبتها ابن كثير ويعقوب في الحالين، وحذفها الباقون في الحالين تخفيفا كما قالوا: لا أدر، ولا أبال وانظر الإرشادات الجلية (ص 278).
(¬3) سورة هود: 105.
(¬4) سورة الكهف: 64.
(¬5) المشهور أن الأخفش يوافق الكوفيين في أن فعل الأمر معرب، وجزمه بلام الأمر المقدرة على أنه مقتطع من المضارع المجزوم بها، وهذا القول قد ذكره الإمام بدر الدين قولا آخر ولم أر أحدا ذكر أن الأخفش يوافق سيبويه في الحكم على فعل الأمر بالبناء - فضلا عن أن يكون مشهورا - سوى الإمام بدر الدين هنا في شرح التسهيل، ولم يشر إلى ذلك في شرحه على الألفية. انظر المغني (ص 227) -

الصفحة 4309