كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 9)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى كلام بدر الدين (¬1) وبعضه يحتاج إلى تأمل، وبعض منه يحتمل البحث فيه.
ثم لا بد من التنبيه على أمور:
منها: أنه لا يجوز أن يفصل بين «لام» الأمر وبين ما عملت فيه لا بمعمول الفعل ولا بغيره فهي أشد اتصالا من حروف الجر؛ لأن حرف الجر فصل بينه وبين مدخوله بالقسم، روى عن العرب: اشتريته بو الله ألف درهم (¬2)، ولا يجوز في «اللام»؛ ذلك لأن عامل الجزم أضعف من عامل الجر (¬3).
ومنها: أنه لا يجوز أن يتقدم عليها - أعني اللام - معمول فعلها إذا كان مما يجوز تقديمه في فعل الأمر بغير لام فيجوز أن تقول: زيدا ليضرب عمرو كما يجوز: زيدا اضرب.
ومنها: أن قول المصنف في «لا» الطلبية: (وقد يليها معمول مجزومها) ظاهره يعطي أن ذلك يجوز في الكلام على قلة، لكنه قد قال في شرح الكافية كما علمت: إن ذلك مخصوص بالضرورة، وقال: إنه رديء أيضا.
ومنها: أن قول المصنف أيضا: (وجزم فعل المتكلّم بها - يعني بـ «لا» - أقلّ من جزمه باللّام) ليس المراد به الإطلاق؛ لأن الفعل إذا كان مبنيّا للمفعول جاز دخول «لا» المذكورة عليه مطلقا سواء أكان لمتكلم أم مخاطب أم غائب نحو:
لا أخرج، ولا تخرج، ولا يخرج زيد، أما إذا كان مبنيّا للفاعل فالأكثر كونه للمخاطب نحو: لا تذهب، ويضعف للغائب والمتكلم، والفرق بينه وبين المبني للمفعول أنه لا يلزم في المبني للمفعول أن يكون المنهي غائبا ويلزم ذلك في المبني للفاعل، فإذا قيل: لا أخرج، أو لا يخرج زيد مبنيّا للمفعول احتمل أن يكون الفاعل المحذوف هو المسند إليه الفعل أو غيره، وأما إذا بناه للفاعل فقال: لا أخرج أو لا يخرج زيد فإنه في التّكلّم لا ينهى نفسه إلا على ضرب من التجوّز وتنزيلها منزلة أجنبي حتى ينهاها وأما في الغائب فمحال أن ينهى الغائب، وإنما يكون ذلك أيضا على نوع من التجوز بأن يوصل إليه النهي، وحقيقة الأمر والنهي إنما هو خطاب الحاضر بإيجاد شيء أو تركه فهما فيما سواه إنما يكونان على ضرب من -
¬__________
(¬1) انظر: شرح التسهيل (4/ 63) تحقيق د/ عبد الرحمن السيد.
(¬2) حكاه الكسائي، انظر: الهمع (1/ 37).
(¬3) انظر: الهمع (2/ 56).

الصفحة 4311