كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 9)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المجاز والتوسع، هكذا ذكر الشيخ (¬1)، ولا يخفى ما فيه.
وقد تعرّض أيضا هنا لذكر مسألة مشهورة لا تعلق لها بمسائل الفصل الذي نحن فيه إلا على بعد فأحييت ذكرها لما فيها من الفائدة قال (¬2) رحمه الله تعالى: «وقد يتجوز بالنهي عن الفعل [5/ 146] المقصود به في الحقيقة - أي بالنهي - إلى ما يلزمه كقولهم: لا أرينّك ها هنا (¬3)، ولا يرينّك زيد هاهنا، لا يريد المتكلم بذلك نهي نفسه ولا نهي الغائب عن الرؤية وإنما يريد: لا تحضر فأراك أو يراك زيد؛ فنهى عن المسبب وليس مقصودا، قال: وقريب من هذا قوله تعالى: فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (¬4) لم ينههم عن الموت بغير الإسلام؛ لأنه ليس لهم، وإنما معناه: لا تكفروا فتموتوا غير مسلمين، وقوله تعالى: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ * (¬5) أي: لا تمتنعوا.
هذا ما يتعلق بالحرفين الأولين وهما: «اللام» و «لا»، وأما الحرفان الآخران وهما:
«لم» و «لمّا» النافية فقال المصنف في شرح الكافية (¬6): إذ قلت: لم يكن جاز أن تريد انتفاء غير محدود كقوله تعالى: لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (¬7)، وانتفاء محدودا متصلا بالحال كقوله تعالى: وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (¬8)، وكقول سيبويه (¬9): ولما هو كائن لم ينقطع، وانتفاء منقطعا كقوله تعالى:
هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (¬10)، وكقول الراجز (¬11):
3952 - وكنت إذ كنت إلهي وحدكا ... لم يك شيء يا إلهي قبلكا (¬12)
-
¬__________
(¬1) انظر: التذييل (6/ 765 - 766).
(¬2) انظر: التذييل (6/ 766 - 767).
(¬3) انظر: الكتاب (3/ 101).
(¬4) سورة البقرة: 132.
(¬5) سورة المائدة: 2، 8.
(¬6) انظر: شرح الكافية الشافية (3/ 1572 - 1574).
(¬7) سورة الإخلاص: 3، 4.
(¬8) سورة مريم: 4.
(¬9) في الكتاب (4/ 220) «ولم، وهي نفي لقوله فعل».
(¬10) سورة الإنسان: 1.
(¬11) وهو لعبد الله بن عبد الأعلى القرشي كما في الكتاب (2/ 210).
(¬12) هذا رجز استشهد به ابن مالك على أن «لم» ترد للنفي المنقطع. قال ابن هشام في المغني (ص 279):
«وذلك وهم فاحش»، وفي الرجز شاهدان آخران: أحدهما: استشهد به سيبويه على إثبات الياء في -

الصفحة 4312