كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 9)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقد يلي «لم» معمول مجزومها اضطرارا كقول ذي الرمة:
3961 - فأضحت مباديها قفارا بلادها ... كأن لم سوى أهل من الوحش تؤهل (¬1)
التقدير: كأن لم تؤهل سوى أهل من الوحش، وقول الآخر:
3962 - فذاك ولم إذا نحن امترينا ... تكن في النّاس يدرككّ المراء (¬2)
التقدير: ولم تكن يدركك المراء إذا نحن امترينا.
وقد تلغى لم حملا على «لا» النافية فيرفع الفعل بعدها، ذكر ذلك جماعة (¬3) وأنشد عليه الأخفش وثعلب:
3963 - لولا فوارس من نعيم وأسرتهم ... يوم الصّليفاء لم يوفون بالجار (¬4)
انتهى كلام بدر الدين رحمه الله تعالى.
ونحن نشير بعد ذلك إلى أمور:
منها: أن الشيخ قال (¬5): إن المصنف يزعم أنه احترز بقوله: (ولما أختها)، يعني أخت «لم» من «لما» التي بمعنى: «إلّا»، ومن «لما» التي هي حرف وجوب لوجوب (¬6) على مذهب سيبويه (¬7)، وظرف على مذهب الفارسي (¬8)، قال (¬9):
ولا يحتاج إلى هذا الاحتراز؛ لأن «لما» التي بمعنى «إلّا» والتي هي ظرف أو حرف -
¬__________
- والشاهد في قوله: «ولم» حيث استغنى بذكر «لم» عن ذكر المنفي بها وهو ضرورة، بخلاف «لما» فإن ذلك جائز معها اختيارا، ووجدت على هامش النسخة (جـ) حاشية بخطه نصها: «يريد وقد كاد يمشط ولم يمشط فحذف خبر كاد ومعمول لم».
(¬1) هذا البيت من الطويل وهو في ديوان ذي الرمة (ص 506).
الشرح: قوله: مباديها جمع: مبدئ وهي المناجع ضد المحاضر، ويروى: مغانيها جمع: مغنى وهو الموضع الذي كان غنيّا به أهله، وقفارا جمع: قفر مفازة لا نبات فيها ولا ماء.
والشاهد فيه فصل «لم» من مجزومها وهو «تؤهل» للضرورة والأصل: كأن لم تؤهل سوى أهل من الوحش، والبيت في الخصائص (2/ 410)، والمغني (ص 278) وشرح شواهده (ص 678) والعيني (4/ 445).
(¬2) سبق شرحه.
(¬3) منهم ابن مالك في شرح الكافية الشافية.
(¬4) سبق شرحه.
(¬5) انظر: التذييل (6/ 770) وقد نقله عنه بتصرف.
(¬6) في التذييل: «وجود لوجود» وفي المغني (ص 280): «وبعضهم يقول: حرف وجوب لوجوب».
(¬7) في الكتاب (4/ 234): وأما «لما»: فهي للأمر الذي قد وقع لوقوع غيره.
(¬8) انظر: المغني (ص 280).
(¬9) أي: أبو حيان.

الصفحة 4316