كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 9)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أولاهما ومسببية الثانية. وهذا التعليق نوعان: تعليق ماض على ماض، وتعليق مستقبل على مستقبل، فالنوع الأول له حرفان: لو ولولا، وأكثر ما تصحب «لو» بناء الماضي نحو: لو قام زيد قام عمرو، وقد تصحب المضارع ولا تجزمه؛ لأنها لما قل استعمالها مع المضارع لم يقبل أن تؤثر فيه وتعمل عمل ما لازم المضارع أو غلب استعماله، والنوع الثاني له حروف وأسماء فالحروف: «إن» و «إذما» و «أمّا» ويأتي ذكر «أمّا» في آخر الباب، وأما
«إن» فللخلو عن الجزم لوقوع الشرط تحقيقا أو باعتبار مجازي، وتعمل الجزم كقولك: إن تقم أقم لأنها تصحب المضارع أكثر مما تصحب الماضي، فلما غلب استعمالها مع المضارع كانت بمنزلة ما لازمه واختص به فقبلت أن تؤثر فيه وتعمل فعملت الجزم لأنه أخف، وأما «إذما» فأصلها: إذ ضمّ إليها ما بعد ما سلبت معناها الأصلي وجعلت حرف شرط بمعنى «إن» فجرت مجراها وعمل عملها، قال الشاعر:
3967 - وإنّك إذ ما تأب ما أنت آمر ... به تلف من إيّاه تأمر آبيا (¬1)
وأنشد سيبويه (¬2) للعباس بن مرداس:
3968 - إذ ما أتيت على الرّسول فقل له ... حقّا عليك إذا اطمأنّ المجلس
يا خير من ركب المطيّ ومن مشى ... فوق التّراب إذا تعدّ الأنفس (¬3)
وأنشد لآخر:
3969 - فإذا ما تريني اليوم مزجى مطيّتي ... أصعّد سيرا في البلاد وأفرع
-
¬__________
(¬1) هذا البيت من الطويل لقائل مجهول.
الشرح: قوله: تأب: من الإباء وهو الامتناع، وهو فعل الشرط، وجوابه تلف من ألفى إذا وجد، وآبيّا:
من الإباء أيضا، وقد روى العيني هذا البيت بلفظ «تأت» بالتاء من الإتيان، وكذلك «آتيا».
والشاهد فيه في «إذما» حيث جزم الفعلين وهما «تأب» و «تلف». انظر: العيني (4/ 425)، والأشموني (4/ 11).
(¬2) انظر: الكتاب (3/ 57) ولم يذكر سيبويه البيت الأول فقط.
(¬3) هذان البيتان من الكامل، قالهما العباس بن مرداس في غزوة حنين يذكر بلاءه وإقدامه مع قومه في تلك الغزوة، وقوله اطمأن المجلس: سكن، والمجلس: الناس، أو المراد: أهل المجلس.
والشاهد فيهما: المجازاة بـ «إذ ما» بدليل وقوع الفاء في الجواب. والبيت الأول في المقتضب (2/ 46)، والخصائص (1/ 131)، والمحتسب (2/ 84)، والبيتان في ابن يعيش (4/ 97)، (7/ 46)، والخزانة (3/ 636، 637).

الصفحة 4321