كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 9)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
السهيلي (¬1) إلى أنها تكون حرفا أيضا، وذلك إذا لم يعد عليها ضمير مستدلّا على ذلك بقول الشاعر:
3983 - ومهما تكن عند امرئ من خليقة ... ولو خالها تخفى على النّاس تعلم (¬2)
قال: فـ «مهما» في البيت حرف شرط بمعنى «إن» و «من خليقة» اسم «تكن» و «من» زائدة كأنه قال: وإن تكن عند امرئ خليقة، ولا يتأتى ذلك إلا على القول بأن «مهما» في البيت حرف، قالوا (¬3): وهذا البيت لا حجة فيه، لأنه يمكن أن يكون فيه ضمير يعود على «مهما» فتكون مهما مبتدأ وتكن في موضع خبره، وفي تكن ضمير يعود على مهما. وأنثه حملا على المعنى لأنها واقعة على «الخليقة» وهو اسم نكرة، وقوله «عند امرئ» في موضع الخبر و «من خليقة» تفسير و «من» فيه كـ «من» في قوله تعالى: ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ (¬4)، قالوا (¬5): ويلزم على مذهب السهيلي أن تكون «من» في قوله «من خليقة» زائدة، لأنه لا ضمير في «تكن» فترتفع «خليقة» به وتكون «من» زيدت
في الواجب وذلك لا يجوز إلا على مذهب مرجوح (¬6)، فثبت أن الصحيح مذهب الجمهور، ولثبوت اسميتها لا توجد في كلامهم إلا مبتدأة عائدا عليها ضمير أو مفرّغا لها العامل فتكون معمولة له نحو قولك: مهما تصنع أصنع، ومن ذلك قول الشاعر:
3984 - وإنّك مهما تأمري القلب يفعل (¬7)
-
¬__________
(¬1) انظر التذييل (6/ 787، 788) وقد نقله عنه المؤلف دون أن يشير. وانظر المغني (ص 330، 331).
(¬2) هذا البيت من الطويل وهو لزهير في ديوانه (ص 15)، وقوله «من خليقة» أي: طبيعة بيان لـ «مهما»، وقوله «خالها» أي: ظنها، واستشهد به السهيلي على أن «مهما» فيه حرف شرط بمعنى «إن» وذلك لعدم عود الضمير عليها، ورده أبو حيان، وقال: لا حجة فيه لأنه يمكن أن يكون فيه ضمير يعود على «مهما» فتكون «مهما» مبتدأ و «تكن» في موضع خبره، وفي «تكن» ضمير يعود على «مهما» والبيت في المغني (ص 323 - 330)، وشرح شواهده (ص 386، 738، 743)، والهمع (2/ 35، 58)، والدرر (2/ 35، 74)، والأشموني (4/ 10).
(¬3) يشير بذلك إلى الشيخ أبي حيان لأنه ينقل عنه.
(¬4) سورة فاطر: 2.
(¬5) يشير إلى الشيخ أبي حيان.
(¬6) يرى الأخفش والكسائي وهشام أن «من» تزداد في الواجب وغير الواجب. انظر الارتشاف (ص 727) وشبه الجملة في القرآن الكريم (ص 196).
(¬7) هذا عجز بيت من الطويل وهو لامرئ القيس (ديوانه ص 13): -

الصفحة 4330