كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 9)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فـ «مهما» مفعول ثان لـ «تأمري»، وقول الآخر:
3985 - قد أو بيت كلّ ماء فهي ضاوية ... مهما تصب أفقا من بارق تشم (¬1)
يصف حميرا قد أجهدها العطش فيبست أجوافها وهي لا تقدم على ماء الأنهار والعيون فزعا من الصائد، فهي تشيم البرق وترتقب نزول المطر لترده، و «ضاوية» من: الضّوى وهو الهزال، والضوى أيضا: ضعف الخلق وصغره (¬2)، فـ «مهما» مفعول مقدم لـ «تصب» وقوله «أفقا» منصوب على الظرف (¬3).
قال الشيخ (¬4): «وقد وقع لبعض الأدباء النبلاء في مكاتبة قوله: ومهما شككت في شيء فلست أشكّ في محبتك،
قال: وغلّطه في ذلك صاحب كتاب «الترشيح» (¬5) من حيث استعمل مهما غير عائد إليها ضمير، ولا معمولة لعامل متأخر عنها مفرّغ لها، قال: والصواب أن يقول: ومهما شككت فيه من شيء».
ومنها: أنك قد عرفت أن «كيف» أكثر ما تكون استفهاما، وأنها قد تكون شرطا في المعنى فحسب فتعلق بين جملتين ولا تعمل شيئا حملا على الاستفهامية، قيل: وإنما قصرت عن أسماء الشرط من وجهين:
أحدهما: أنه لا يكون جوابها إلا نكرة، وجوابات أسماء الشرط تكون معارف -
¬__________
-
أغرّك منّي أنّ حبّك قاتلي
واستشهد به على أن مهما معمولة لـ «تأمري» ويكون العامل قد فرغ لها واستشهد به سيبويه في الكتاب (4/ 215)، على كسر اللام في حال الجزم للإطلاق والوصل، وانظر البيت في ابن يعيش (7/ 43)، والهمع (2/ 211)، والدرر (2/ 236)، وابن السيرافي (2/ 291).
(¬1) هذا البيت من البسيط وهو لساعدة بن جؤية كما في ديوان الهذليين (1/ 198) وأو بيت بالبناء للمجهول:
منعت، والبارق: السحاب ذو البرق، وتشم: تنظر من شام البرق يشيمه أي نظر إليه، واستشهد به على أن «مهما» قد أفرغ لها العامل فهي مفعول مقدم لـ «تصب» وهذا يدل على أنها اسم لا حرف كما ذهب إلى ذلك السهيلي. والبيت في المغني (ص 330)، وشرح شواهده (ص 157، 743)، وشرح التصريح (1/ 318)، والهمع (2/ 57)، والدرر (2/ 73) والرواية فيه «وهي ظامية» من الظمأ وهو العطش.
(¬2) في اللسان (ضوا): «والضّوى: دقة العظم وقلة الجسم خلقة، وقيل: الضّوى الهزال».
(¬3) هذا نهاية كلام الشيخ أبي حيان في التذييل الذي سبق أن ذكرت أن المؤلف قد نقله دون أن يشير.
(¬4) انظر التذييل (6/ 788، 789).
(¬5) من المعلوم أن «الترشيح» من مؤلفات ابن الطراوة، فيكون صاحب «الترشيح» الذي يقصده أبو حيان هو ابن الطراوة.

الصفحة 4331